وكان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين أو نحوها، ومات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولها نحو ثمانية عشر عاماً، وقد حفظت عنه شيئا كثيراً، وعاشت بعده قريباً من خمسين سنة، فأكْثَرَ الناسُ الأخذ عنها، ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئاً كثيراً، حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها ـ رضي الله عنها ـ».
الزواج المبارك :
في شوال من السنة العاشرة من البعثة النبوية عقد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليها وهي بنت ست سنين ـ أو سبع سنين ـ قبل الهجرة بسنتين، ولم يبْنِ بها إلا في شوال من السنة الأولى للهجرة، وهي بنت تسع سنين .
عن عائشة - رضي الله عنها -: (تزوجني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا بنت ست سنين، وفي رواية مسلم في صحيحه عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تزوجها وهى بنت سبع سنين، وزُفَّت إليه وهى بنت تسع سنين . .
زواج من الله :
كان زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بوحي من الله ـ عز وجل ـ، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لها: ( أُرِيتُكِ في المنام مرتين، إذا رجل يحملك في سَرَقَة (قطعة) من حرير، فيقول: هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يَكُنْ هذا من عند الله يُمْضِه) رواه البخاري .
ولم يتزوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من النساء بكراً غيرها، وهو فضلٌ استأثرت به على سائر نسائه، وظلّت تفاخر به، وتقول للنبي ـ صلى الله عليه وسلم -: (يا رسول الله، أرأيت لو نزلتَ وادياً وفيه شجرةٌ قد أُكِل منها، ووجدتَ شجراً لم يُؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك ؟، قال: في التي لم يرتع منها) ـ تعني أنه لم يتزوج بكراً غيرهاـ) رواه البخاري .
فضل أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ :
كانت ـ رضي الله عنها ـ صوّامة قوّامة، تُكثر من أفعال البرّ ووجوه الخير، وقلّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال لكثرة بذلها وعطائها، حتى إنها تصدّقت مرّة بمائة ألف درهم، لم تُبق منها شيئاً، وقد شهد لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنها أحب الناس إليه، فقد سُئِل ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أي الناس أحب إليك؟، قال: عائشة) رواه البخاري.
وعلى الرغم من صغر سنّها ـ رضي الله عنها ـ إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم، ولذلك حفظت واستوعبت الكثير من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث، وقد ذكر العلماء أن عدد الأحاديث التي روتها نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاوزت ثلاثة آلاف حديث، وأن صاحبة السهم الأكبر في رواية الحديث هي أمنا عائشة - رضي الله عنها -، فقد روت ألفًا ومائتين وعشرة أحاديث، ومن ثم فقد ساهمت ـ رضي الله عنها ـ مساهمة فعالة في حفظ ونقل السنة النبوية، التي هي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله ـ عز وجل ـ إلى الأمة الإسلامية .
قال أبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ:«ما أُشْكِلَ علينا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط فسألنا عائشة ـ رضي الله عنها ـ إلا وجدنا عندها منه علماً».