ونستشف ذلك من اثرين الأول حديث نبوي يغمرنا بالتعلق بالله ورحمته ..
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى قال :»إنّ الله كتب الحسنات والسيّئات ثمّ بيّن ذلك، فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيّئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيّئة واحدة» رواه البخاريّ ومسلم في صحيحهما بهذه الحروف.
فلننظر إلى عظيم لطف الله تعالى ونتأمّل هذه الألفاظ. وقوله «عنده» إشارة إلى الاعتناء بها، وقوله «كاملة» للتأكيد وشدّة الاعتناء بها. وقال في السيّئة التي همّ بها ثمّ تركها «كتبها الله عنده حسنة كاملة» فأكّدها بكاملة، وإن عملها «كتبها سيئة واحدة» فأكّد تقليلها بواحدة ولم يؤكّدها بكاملة...
والثاني وصية من الإمام الشافعي رضي الله عنه لرجل قال له : عظنى . فقال له : يا أخي، إن الدنيا دحض مزلة، ودار مذلة، عمرانها إلى الخراب صائر، وساكنها للقبور زائر، شملها على الفرقة موقوف، وغناها إلى الفقر مصروف، الإكثار فيها إعسار، والإعسار فيها يسار، فافزع إلى الله، وارض برزق الله تعالى، ولا تستلف من دار بقائك فى دار فنائك، فإن عيشك فيها زائل، وجدار مائل، أكثر من عملك، وقصر من أملك..
فما أعمقها من وصية تدعونا إلى الفرار إلى الله ...