مهرجان «نيابوليس» لمسرح الطفل: مساحة للفرجة والنقد والعلاج

«عشرة سنين» هو شعار الدورة الخامسة والثلاثين لمهرجان نيابوليس لمسرح الطفل، «عشرة سنين» عنوان للأمل واللقاء السنوي بين صانعي الجمال ومستهلكي

المادة الابداعية الفنية، عشرة سنين، التجربة، الذاكرة، اللقاءات، الفرجة وفرحة ترسم على وجوه الاطفال، مع تبادل الخبرات بين مسرحيين من العالم.
تحضر في الدورة الحالية كل من فرنسا وكرواتيا والبرازيل واسبانيا والجزائر والعراق وقبرص والإمارات العربية المتحدة بالإضافة الى تونس البلد المنظم للمهرجان والذي انطلقت فعالياته من 19ديسمبر وتتواصل الى غاية 25 من ذات الشهر ذاته بمدينة ياسمين الحمامات ودار الثقافة نابل، كما يشع المهرجان خارج نابل فتكون العروض في المركب الثقافي تطاوين ومدينة الثقافة ومهرجان ابن رشيق.
نيابوليس الاكثر جماهيرية
مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل، التظاهرة الحدث والأبرز في مسرح الطفل في شهر ديسمبر من كل عام، تظاهرة تحتفي بالإبداعات المسرحية الموجهة للطفولة والناشئة، افضل الاعمال العربية والعالمية تحضر في نابل لأسبوع بمعدل عرضين كل يوم، فرصة للقاء بين المسرحيين وجمهورهم الصعب من الأطفال فالطفل لا يعرف المجاملة ومتى سئم العرض ترك القاعة وغادر عكس المتفرج الكهل.
مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل الذي تحتضنه ولاية نابل، هو العرس المسرحي للاطفال، التظاهرة الاكثر جمهورا حسب الاحصائيات للدورات الفارطة، العروض الاكثر جمالية تكون في المهرجان، «نيابوليس» مساحة حرة للأطفال ليشاهدوا مسرحا يحترم عقولهم اصغيرة وينتصر لآمالهم الأكبر، في الدورة الحالية افتتح المهرجان مساء الاثنين 19ديسمبر 2022 بمسرحية «مارد بغداد» اخراج ريان القيرواني وسبقه الحدث المنتظر «لمة نيابوليس» وهي احتفالية تجمع المسرح الاستعراضي وتجوب شوارع المدينة لتحتفي بالحياة، بالمسرح اب الفنون وسيد الفرجة فيها.
لأسبوع يلتقي الاطفال مع عروض مسرحية موجهة للطفل والناشئة، اعمال تحفز على الخيال وتدعو الطفل المتلقي الى عوالم الأحلام، فالمهرجان مجال للقاء وتبادل الخبرات بين العاملين في مجال مسرح الطفل وجمهورهم جدّ المختلف من اطفال اوفياء لنيابوليس الاحتفالية المسرحية العالمية.
في الدورة الجديدة تغيرت فعاليات المهرجان من المركب الثقافي نابل الى المدينة ياسمين الحمامات، لكن الجمهور ظلّ وفيا للإقبال والمتابعة، فاطفال نابل تعوّدوا على نيابوليس وأصبح للمهرجان قاعدته الجماهيرية القارة والوفية.
المسرح مساحة للحرية
يمارسون فعلا فنيا نبيلا، يتجهون الى الاطفال ليقدموا لهم مساحة من الحرية والحلم، المشرفون على مهرجان نيابوليس والمبدعون في مجال مسرح الطفل، باعثو الفرحة في قلوب الاطفال وموزعو البهجة عليهم، من يعملون في مسرح الطفل هم الاقرب الى قلوب الأطفال، الاكثر صدقا في التعامل مع المادة الابداعية وضمن فعاليات الدورة الخامسة والثلاثين كرّم المهرجان رواده من قدموا الكثير من الاعمال والحبّ لهذا الفن، على غرار عبد الستار الذيب وحمادي ديماسي وراضي قلال وفهري همالي وأربعتهم من رواد مسرح الطفل في تونس.
مهرجان نيابوليس تظاهرة تهتم بالجانب التكويني ويؤمن القائمين عليه بأهمية المسرح في التغيير خاصة لدى الطفل، فامسرح وسيلة علاجية، الدمية مطية للخروج من حالات الخوف ونوبات الهلع ووسيلة ليصبح الطفل سوي نفسيا، هكذا تقول هدى اللموشي عن دميتها وسيلتها العلاجية المسرحية، والعلاج بالدمية احدى الورش الموجهة للاطفال تحديدا اطفال الصم والبكم، فذوي الهمم لهم قدرات خارقة على الاستيعاب وبدميتها تصنع اللموشي العجب مع هؤلاء الاطفال.
العلاج بالعروسة وسيلة تربوية وثقافية وعلاجية والمسرج فضاء للتلاقي والعمل الجماعي، المسرح وسيلة ليخرج الطفل من الدائرة المغلقة ليصبح كائن اجتماعي ويتحرر من قيوده وهو الهدف من ورشة الادماج التي يقدمها المسرحي حمادي الملولي لفائدة الاطفال حاملي طيف التوحّد فالمسرح هنا وسيلة للعلاج والادماج، المسرح مجال للتحرر لشفاء الصغير من امراض نفسية ومجتمعية ووتجاوز لعلل جسدية لان المسرح يخاطب الروح ويحفز على الخيال والابداع.
هل تطوى صفحة «التسويف» ؟
مهرجان نيابوليس اطفئ شمعته الخامسة والثلاثين، التظاهرة الاقدم في الدول العربية والافريقية المختصة في مجال مسرح الطفل والناشئة، المهرجان كان ولازال قبلة الباحثين عن العروض الجيدة والمختلفة.
نيابوليس مجال لنشر ثقافة المواطنة والانتصار للفن والانسان، المهرجان عانى لأعوام من مشكل «الدعم» فهو يتراجع ويرتفع حسب «مزاج» وزراء الثقافة السابقين، في الدورات الفارطة كاد المهرجان ان يلغى بسبب سياسة التسويف التي كانت تنتهجها وزارات الثقافة والمرأة والتربية لكنّ تظاهرة 2019انجزت بفضل ارادة ابناء المهرجان الحريصين على بقاء «نيابوليس» شمعة حرة لا تنطفئ (غابت دورتي 2020 /2021 بسبب جائحة كوفيد).
وقد عرفت الدورة الحالية اي دورة2022 حضور وزيرة الاسرة والمرأة والطفولة السيدة امال موسى وألقت كلمة افتتاحية نوهت فيها بالمجهود الذي تبذله جمعية المهرجان ودورها في النهوض بمسرح الطفل وأعلنت الوزيرة عن قرار الترفيع في قيمة الاعتمادات المرصودة لفائدة المهرجان اعتبارا للاهمية التي توليها الدولة للنهوض بمساهمة الثقافة في تكريس تربية الناشئة على قيم الحرية والإبداع، فهل ستطوى صفحة «غياب» و»تسويف» التي كانت تنتهجها الوزارات سابقا؟ مع الاشارة الى جدية وزيرة الاسرة والمراة والطفولة امال موسى في تعاملها مع كل الملفات التي تهمّ الطفل.
مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل تظاهرة قارة تحتفي بالطفل والناشئة، تجربة مسرحية تكبر وتتطوّر، مخابر بحث وندوات علمية وعدد كبير من العروض وصل 90عرضا في الدورة الحالية، مهرجان يستحق ان يكون مؤسسة مستقلة ماليا لأنه الاكثر جدية في التعامل مع مسرح الطفل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115