وهي جمعية ذات طابع مواطني وتبحث في التاريخ والهويات المطموسة او المنسية بفعل التقادم والتثاقف حسب رئيستها رابعة بن عاشور.
الامازيغية واليهودية لغتان منسيتان وهما من مكونات الهوية التونسية
في كلمتها الافتتاحية اشارت مديرة الدار رجاء بن سلامة ان الندوة تتمثل في الانكباب على الارصدة المخصوصة في مكتبتنا، ولجعلنا نتذكر المنسيّ، ونتذكر المنسي المرفوض الذي يسمى في التحليل النفسي دفينا او مكبوتا، وكما انّ تذكر المكبوت والاندهاش لاكتشافه ومعاناة اكتشافه بصبر وشجاعة هما اساس التحليل النفسي ومساره المحرّر للفرد على نحو مخصوص، وغير مقصود لذاته، وشبيه التحرّر السياسي ومختلف عنه في الوقت نفسه، فانّ تذكر المكبوت الجماعي بعد اساسي من ابعاد الفعل الثقفي والعلمي، ذو طبيعة تحررية، ومن شانه ان يخّفف من العنف ويكشف الصدمات والشروخ، ويهدّئ النفوس والاوطان،ويقوّي الرابط الاجتماعي، فالمعرفة اخت الحرية، لا تحرر بلا معرفة، وقدرة على قبول المعرفة،وقدرة على تحمّل ما لا نريد ان نعرف.
وانقسمت الندوة الى جلستين الاولى حاضر فيها منصور غاقي عن المعهد الوطني للتراث وقدم مداخلته المعنونة بـ»الامازيغية مكونا لهوية تونس ارض اللغات والكتابات» و مداخلة ثانية لجوناس سيبوني من جامعة الصربون ومحورها «ماهي اللغة اليهودية التونسية: وجهة نظر لغوية؟» والجلسة الثانية مداخلة لهالة مبارك عنوانها «اللهجة العربية ليهود جربة» و مداخلة لسامي ايفيرت «التفاعلات اليهودية-الاسلامية الحوارية في الثقافة الشعبية المغربي».
في مداخلته عن «الامازيغية مكونا لهوية تونس» عاد منصور الغاقي بجمهور الندوة الى التاريخ القديم، وقدم العديد من المعطيات التاريخية التي تثبت وجود مجموعات بشرية وشعب اصلي لهذه الارض قبل مجيء الفينيقيين، واشار ان الامازيغ سكنوا ارض افريقيا منذ القديم منوها بالانفتاح الثقافي والحضاري للشعوب الاصلية مع الحضارات الوافدة من فيينيقيين فرومان فلاتينيين ثم العرب المسلمين، واكد في مداخلته انّ الهوية الامازيغية جزء اساسي في المكون الثقافي التونسي على غرار الاكل واللباس وبعض الكلمات المستعملة، فتونس ومنذ القديم كانت ارض للقاء ولتعاقب الثقافات والحضارات.
وختم مداخلته بالإشارة ان الجانب السياسي هو طمس الحضور الامازيغي في تونس «نحن شعوب نقبل ان يتحدث النيجيري على اسلامه بلغته المحلية، لكن نرفض ان يفعل الامازيغي ذلك، فالسياسة كانت سبب الفرقة» حسب تعبيره.
وفي مداخلة جوناس سيبوني المغربي الاصل اشار الى تطور اللغة العربية مشيرا ان اول الاثار عن لغة عربية مكتوبة توجد في جنوب سوريا وحدود الاردن ثم الجزيرة العربية، مضيفا ان تطور اللغة العربية صاحبه تطور في استعمال اللغة اليهودية، فكل اللغات تطور حسب الاستعمال، وأشارت هالة مبارك ان ليهود جربة عربيتهم الخاصة، فهم يتحدثون اللهجة التونسية بلكنة جد خاصة.
حين تتحول قاعة الندوات الى حلبة صراع
«اللغات المنسية تتكلم» هو محور ندوة فكرية لتقديم مداخلات علمية، في فضاء علمي ووطني هو المكتبة الوطنية، لكن منذ الكلمة الافتتاحية لرجاء بن سلامة تحولت تلك القاعة الهادئة الى «رحبة» شعارها من يرفع صوته اكثر، من يرفع هتافاته المناصرة لفلسطين والموجهة بتهم التطبيع لمديرة دار الكتب الوطنية والدكاترة المحاضرين والجهل للموجودين داخل القاعة «جميعكم جهلة، غادروا القاعة».
وقد اقتحم 15فرد او يزيد قاعة الندوة، يوقفون اشغالها صارخين في الجميع بضرورة المغادرة، متهمين الحضور بالتطبيع لانهم حراس العروبة والاسلام والوحدة الوطنية وتونس «دولة عربية مسلمة، لا وجود لامازيغ هم صنيعة الاستعمار، اما الاشارة الى اللغة اليهودية فهو تصهين والموت للمدافعين عن الصهيونية» كما هتفوا، لساعة من الزمن او يزيد والصراخات تعلو على صوت العقل والمعرفة، اصوات واتهامات جابهتها مديبرة المكتبة الوطنية بالكثير من الهدوء وعدم مغادرة القاعة ولا مكانها مرددة «لن نرضخ لمحاولات الصنصرة والمصادرة».
في المقابل بحت بعض الحناجر فأصبحت الايادي هي الوسيلة لتبادل الافكار النيرة والمنفتحة على الحريات بين الراغبين في متابعة اشغال الندوة والمنادين بضرورة ايقاف اشغالها لانّ الحديث عن اليهودية تطبيع، امام تمثال الحداد حدث الشرخ بين فئتين تونسيتين، كل منهما ترفع النشيد الوطني وتغني «حماة الحمى» وتريد الانتصار لموقفها وبعد سجال انتصر الفريق الداعي لاعمال العقل والفكر على من يردد نداءات السابقين وانجزت اشغال الندوة.
الندوة الفكرية «تونس تتكلم اللغات المنسية»: في صراع العقل والنقل... قد تضيع هوية التونسي
- بقلم مفيدة خليل
- 10:43 10/11/2022
- 1142 عدد المشاهدات
«اللغات المنسية تتكلم» هو محور الندوة الفكرية التي احتضنتها قاعة الطاهر الحداد بدار الكتب الوطنية، والندوة من تنظيم جمعية «تونس تجمعنا»