ذات كلمات ممتعة والحان تغري بمزيد الإنصات، ساعتان من الزمن الجميل، سفرة موسيقية توفرت فيها كل مقومات الفرحة والجمال جمعت اجيالا مختلفة تؤمن بالأغنية التونسية وقدرتها على البقاء رغم التطور الموسيقي في التوزيع وانتشار الاغنية «الخفيفة»، متعة حقيقية تونسية الروح والانجاز والجمهور وفرها الملحنّ الحالم ابدا عبد الرحمان العيادي الذي اعتلى مع فرقة الوطن العربي ركح قرطاج الاثري بعرض «انغام في الذاكرة».
«انغام في الذاكرة» رحلة موسيقية طربية جمعت اجيالا مختلفة على الركح، وهي جزء من الموروث الغنائي التونسي الجميل قدمته قامات صوتية تونسية ساحرة، عرض جمع اجمل الالحان واعذب الاغاني لتقدم امام جمهور جاء متشوقا للكلمة الحلوة يحمله الحنين والرغبة في الاكتشاف والاستمتاع بالموسيقى التونسية الحقيقية.
«انغام في الذاكرة» قصة عشق يبدع في كتابتها المايسترو عبد الرحمان العيادي، تجربة اعوام من التلحين والتعامل مع الشعراء والفنانين يختار البعض منها لتأثيث العرض، هي حكاية شغف مايسترو تونسي بموسيقى وطنه، يبعث فيها الحياة ويعيد اليها البريق بعد خفوتها لظهور موجات موسيقية شبابية جديدة وكذلك انتشار الموسيقى الغربية والأغنية المشرقية في المشهد التونسي، ليكون العرض انتصار لتونس ولموسيقاها، تحية لشعراء ابدعوا في الكتابة وملحنين تسابقوا على اجمل الالحان وفنانين تظل اصواتهم خالدة وان غيب الموت اجسادهم مثل شحرور الخضراء يوسف التميمي او السيدة نعمة، على ركح قرطاج كان اللقاء التونسي الموشى بأجمل النغمات والإيقاعات، لقاء الفرحة والحب لهذا الوطن ولموسيقاه وتكريم لأبرز فنانيه واعتراف بدورهم في كتابة المشهد الموسيقي التونسي.
«انغام في الذاكرة» عرض يستحضر جزء من تاريخ الموسيقى التونسية، عرض كرم من خلاله صاحبه كل من السيدة سلاف التي كانت اوّل من غنى في العرض «اذا تشوفوه» بصوت لازال قادرا على اقناع الجمهور لتؤكد انها كتبت بصوتها فصل مهم من فصول الاغنية التونسية،والشاعر أحمد الزاوية لمسيرته الثرية في مدوّنة الشعر الغنائي في تونس اذ يصل رصيده بالمؤسسة التونسية لحقوق المؤلف الى 647 أغنية، كما تم تكريم أحد أبرز رموز الأغنية التونسية الملحن محمد رضا الذي تزخر مسيرته بأكثر من 500 أغنية، اضافة الى الموسيقار عازف الكمنجة المتميز البشير السالمي ، والفنان محسن الرايس أحد رواد جيل الاستقلال في مجال الاغنية.
على ركح مهرجان قرطاج ابدعت الكمنجات في كتابة ليلة قرطاجنية الهوى، ونجحت الالات الايقاعية في فتح ابواب الذاكرة وتشريك الحضور في المتعة التونسية الخالصة، على ركح قرطاج استطاع المايسترو عبد الرحمان العيادي جمع اجيال موسيقية مختلفة لتغني لسلاف ويوسف التميمي وصابر الرباعي ومحسن الرايس وذكرى محمد، اسماء خالدة في الاغنية التونسية غنى لها كل من اسماء بن احمد وشكري عمر واحمد الرباعي ، كما شهد الركح مفاجأة عودة سليم دمق ليغني امام جمهور يحفظ اغانيه وتساءل عن سرّ غيابه الطويل، وكانت المفاجأة الثانية بتغيير اللون الموسيقي لنور الدين الباجي المعروف بادائه للاغاني الطربية واغاني «ام كلثوم وعبد الحليم» لكنه في عرض انغام في الذاكرة قدم لونا شعبيا تونسيا يحبه الجمهور وهو المزود وقدم اغنية للهادي حبوبة «ليلة والمزود خدام».
ولانّ للموسيقى التونسية اجيال جديدة ستحمل المشعل وأصوات صاعدة ستكون مستقبل الاغنية الطربية في تونس وإيمانا بقدرة الشباب على النجاح ختمت العرض اصغر الفنانات طفلة لم تتجاوز الخامسة عشرة كانت شامخة كما الاميرات على الركح، ملكة الشارني غنت لسلاف، طفلة لها كاريزما وحضورا وروحا مرحة على الركح تكشف عن مستقبل فنانة واعدة قدمها عبد الرحمان العيادي للجمهور وهو الصياد الفريد في التقاط اجود الجواهر الصوتية التونسية.
الفنان لا يموت، يظل خالدا خلود موسيقاه وأغنيته، امام جمهور قرطاج حضرت ذكرى محمد روحا وغابت جسدا، حضرت تلك الفنانة الرقيقة بأغنيتها «وحياتي عندك» التي ابدع في عزف نوتاتها عاشق الكمنجة وساحرها البشير السالمي، على الركح بدا كأحد القياصرة يراقب جيوشه في شكل نوتات موسيقية متمردة ومتنافرة، يتقن تجميعها وتوحيدها لتصنع متعة في الاذن وتخترق قلب الحضور جمالا، البشير السالمي عازف الكمنجة والعازف البارع على اوتار القلب ينتقل من لحن موجع لأغنية «وحياتي عندك» الى اخر اكثر فرحا «جرجيس» وكأنه طفل يتقن جيدا لعبة القفز على الحبل، البشير السالمي احد ايقونات الة الكمنجة في تونس، فنان احب كمانه ورافقه في مشواره الفني الزاخر بالنجاحات وأمام جمهور قرطاج وعلى ركحه العظيم اكدت لمسات السالمي ان لهذا الوطن مبدعوه الخالدون الصادقون الذين سيذكرهم التاريخ تماما كعظمة ركح قرطاج.
«انغام في الذاكرة» مسار ابداعي آخر أشرف عليه عبد الرحمان العيادي الذي احب الموسيقى ومارسها منذ الطفولة وكان طفلا عبقريا سحر استاذه صالح المهدي بالحانه المميزة، العيادي مكتشف العديد من الاصوات المميزة يكتب مرة اخرى قصة نجاح على ركح قرطاج ويشاركه الشموخ.
عرض «أنغام في الذاكرة» لـ عبد الرحمان العيادي ضمن مهرجان قرطاج الدولي: صياد الأصوات الذهبية يقدم مساره الإبداعي لجمهور قرطاج
- بقلم مفيدة خليل
- 13:14 27/07/2022
- 805 عدد المشاهدات
تفتحت شبابيك الذاكرة، امتدت الارواح لتنعم بذكريات تونس السبعينات والثمانينات وموسيقاها المميزة، اشرأبت الروح لسماع اغان