من علامات النقد السينمائي في تونس والعالم هو العاشق الشغوف بالصورة خميس الخياطي الذي وثق للسينما العربية في الستينات والسبيعينات، له ارشيف صور مذهل، في رصيده آلاف من الصور لشخصيات سينمائية عربية وعالمية التقطتها كاميرا طفل شغوف لا يكبر.
خميس الخياطي احتفت بصوره المكتبة السينمائية بمعرض «خميس الخياطي شغف الصورة» تزينت جدران السينماتاك بمجموعة من الصور بالأبيض والأسود وهي جزء من رحلة الخياطي مع عالم السينما والصحافة، كتب القليل من ذكرياته في صور، خميس الخياطي المدافع الشرس عن مهنة الصحافة والمنتصر الدائم للسينما وللحرية استقبل محبيه في معرض يوثق لتاريخ السينما ويوثق لصولات الخياطي مع كبار المخرجين التونسيين والعالميين.
الصحافة عشقة وممارستها نضال
شغلته الصحافة منذ بدايات وعيه بهذا العالم، احب تلك المهنة النبيلة التي باتت سلاحه ليعبّر عن ارائه بكل حرية، الصحافة مساحته للحلم والنقد والدفاع عن الإنسان، شغل بها واشتغل فيها لاكثر من خمسين عاما، يكتب وينقد ويدافع عن القضية الفلسطينية وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها، الصحافة لدى الخياطي مثل السلاح الذي يحمله الجندي ويقسم باسم الانسان على الدفاع عن ارضه وحريته والصحافة كانت الارض المقدسة لخميس الخياطي فداها بسنوات كثيرة من الاجتهاد والصدق والحب، تلك المساحة قدمت له احترام النقاد في العالم وحبّ التونسيين من متابعي المشهد السينمائي والمهتمين بالفكر الثائر والرأي الصادح «نموت عالصحافة ملي بديت عشقتها اكثر من مهنة التدريس فتركت الثانية واشتغلت في الاولى» حسب تعبيره.
الخياطي المدافع الدائم عن حرية الصحافة وحرية الصورة وهو من ربوع الشمال الغربي تحديدا مدينة القصور من ولاية الكاف ولد وترعرع في سنواته الاولى، تدثر بالأحلام من برد الشتاء القاسي في تلك الربوع، زاده الحب وأحلام كبرى اراد تحقيقها، كبر الحالم الصغير وكبرت معه أحلامه، نزل الى العاصمة اين استنشق عطر الفن وعبق السينما في نوادي السينما التي اسسها الراحل الطاهر شريعة وهو الاخر مساهم في نجاح ايقونة النقد خميس الخياطي «ادين للطاهر شريعة بجزء من نجاحاتي، ادين لاعترافه بذاك الشاب الشغوف بالسينما، فشريعة كان سببا لحصولي على منحة للسفر الى مصر والاقامة هناك لإنجاز رسالة الدكتوراه المعنونة (بالشعور القومي في افلام صلاح ابو سيف) والطاهر شريعة ساعدني كثيرا وأدين لهذا الرجل المحب للسينما» حسب تعبير الخياطي اثناء وقوفه امام بورتريه اب ايام قرطاج السينمائية.
معرض «خميس الخياطي شغف الصورة» رحلة بالأبيض والأسود في تاريخ السينما، عبر الصورة يلاحق الخياطي شغفه بالسينما والصحافة يمزج بينهما بإتقان الفيزيائي اثناء تركيب مواده الكيميائية، يمزج بينها بحنكة فنان تشكيلي ماهر ابدع في دمج اللون مع الحركة كذلك الصورة السينمائية/الصحفية لدى العاشق خميس الخياطي.
درس الخياطي في فرنسا «علم الاجتماع» ودرّس لأعوام لكنه اختار العمل في الصحافة واشتغل لثلاثين عاما في اذاعة فرنسا الثقافية، يتقن الفرنسية جيدا، يدافع عن لغة موليير وفولتير وروسو وفي الوقت ذاته تسكنه العربية وكانت كتابته تنتصر دوما للقضية الفلسطينية والسينما المدافعة عن الحق في تقرير المصير.
الصورة الذاكرة
ممتعة الجولة في المعرض تشعر الزائر انه يحاور نجوم السينما في فترة الستينات والسبيعنات، تترك الصورة مساحة من الحرية لتخيل الالوان الحقيقية للملابس والماكياج، ربما محاولة معرفة موضوع النقاش في «بلاتوهات التصوير» عودة في التاريخ قدمها الخياطي بحرفية، ويمكن تقسيم المعرض الى ثلاثة محاور رئيسية: الاول اهتم برموز السينما التونسية فتجد صور لمفيدة التلاتلي وناجية مبروك والطاهر شريعة والنوري بوزيد وفتحي الخراط والطيب الوحيشي وفوزي ثابت ونجيب عياد ومحمود بن محمود.
المحور الثاني خصص للسينما العربية فنجد مشاهد لاكثر من فيلم ليوسف شاهين وصلاح ابو سيف ورمسيس مرزوق وحسن فهمي وآثار الحكيم وتوفيق صالح وخيري بشارة، اما الجزء الاخير من المعرض فخصص للذاكرة السينمائية العالمية مثل مارسالو ماستيريانو وفيتوريو قاسمان وقاستون كابوري وجون ماري ستوب وجاكلين بيسي وفيرنا ليزي ليلبي المعرض شغف الجمهور الى وجوه ساهمت في تقدم ايقونات عالمية في الفن السابع.
المعرض في مدينة الثقافة اعتراف بما قدمه الخياطي لعقود طويلة في مجالي الصحافة والسينما وتكريم لرجل في رصيده اكثر من عشرين كتابا فضلا عن مئات المقالات الصحفية ورسالة احترام لرجل يؤمن بالتوثيق ودوره في الدفاع عن الذاكرة بعد قراره بتقديم ارشيفه السمعي والبصري الى المكتبة الوطنية من اجل صيانته ورقمنته للاجيال القادمة وتعمل المكتبة الوطنية والمكتبة السينمائية على رقمنة 6الاف صورة و200ساعة من البث التلفزي والاذاعي لخميس الخياطي، ليظل نبراسا دائما يضيء دروب الباحثين في السينما والصورة.
معرض «خميس الخياطي.. شغف الصورة»: توثيق لسيرة صحفي عشق السينما وتميز بقلم ناقد
- بقلم مفيدة خليل
- 13:20 30/06/2022
- 1176 عدد المشاهدات
أحبّ الكاميرا واختارها رفيقته ليوصل الى العالم أجمل الصور، شغف بالصحافة واشتغل فيها ومنح محبيه متابعاته المميزة، عشق السينما ليصبح اسمه علامة