الندوة الفكرية: «المصطلح المسرحي وأثره على المنجز المسرحي»: هناك العديد من المصطلحات تتطلب رجة فنية وفكرية

من الفعاليات الأساسية في مهرجان مسرح التجريب الندوة الفكرية التي ستخرج في كتاب بعنوان ورقيات وأثث الندوة ثلة من الأساتذة الباحثين في المسرح الذين حاضروا

في مفهوم «المصطلح المسرحي واثره على المنجز الفني» على غرار محمد الهادي الفرحاني ومحمد الكشو وسامي النصري وإيمان الصامت وفوزية ضيف الله.
والندوة الفكرية مجال للحوار وتقديم دراسات في المسرح والموضوع المطروح للنقاش ومفهوم المصطلح تناولته ايمان الصامت تطبيقيا من خلال السينوغرافيا والتشكيلي وبحثت فيه فوزية ضيف الله فلسفيا عبر مفهوم الرجة.
• إيمان الصامت: سينوغراف وأستاذة جامعية بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح الكاف:
المسرح لغة لا حدود لوسائله البلاغية
فنانة تشكيلية ومختصة في السينوغرافيا، تحول أفكارها التشكيلية إلى متعة بصرية في مسرح الطفل والكهول، السينوغراف إيمان الصامت قدمت مداخلة التصميم المشهدي لسينوغرافيا العرض: بين المقاربة الإخراجية والمقاربة التشكيلية» انطلقت فيها من أسئلة تتعلق بمفهوم المسرح والسينوغرافيا وتشكيل الفضاء.
وأشارت الصامت تقوم عملية التشكيل ضمن الفضاء السينوغرافي على التفاعل مع النص المسرحي من خلال ما يعرض فيه من رؤى وتصورات فكل عمل مسرحي يسعى إلى بلورة رؤية خاصة تنطلق من النص ولكنها ليست نسخة مطابقة منه، هي بالتالي رؤية ذات تشكيل جمالي، «وسيط للبحث الاستيتيقي» يجسد بصمة فنية وتصور ذاتي نحاول أن نقترب من خلاله من المفاهيم الجمالية للنص. فمرحلة التصميم السينوغرافي هي من الأسس الإبداعية للمشهد المسرحي حيث تستوجب رؤية فنية وحضوراً خاصا يخلق الجو العام للعمل من خلال ما يمكن أن يضفيه من لمسات فنية تساهم في تحويل فضاء العرض إلى خطاب بصري في متناول التقبل الفكري والجمالي.
مضيفة ان الخطاب المسرحي لا يقتصر على الخصائص البصرية فحسب بل يجمع بين النص والصورة في تكاملهما للإحالة إلى السيميائيات البصرية، فالمسرح هو فضاء سيميائي يتكون من رموز وعلامات وإشارات وأيقونات بصرية تدخل في إيحائية ورمزية النص المسرحي ، حيث تتجلى وظيفة النص في إعطاء أو تحديد معنى الصورة.
وقد أعطى رولان بارت وظيفتين للمرسلة اللسانية في علاقتها مع المرسلة الأيقونية -أي علاقة النص بالصورة - وهما وظيفة الترسيخ ووظيفة التدعيم:
- الترسيخ :حيث ان كل صورة تتميز بالتعدد الدلالي أي للصورة عدة مدلولات ، وبذلك فإن التعدد الدلالي للصورة ينتج تساؤلات حول المعنى فيأتي النص اللفظي ليوجه القارئ في قراءته للصورة، ويقربه من المدلول الصحيح لها، فالترسيخ إذن يعمل كمراقب في تحديد وجهة المعنى .
- التدعيم : وتكون حين يقوم النص اللفظي بإضافة دلالات جديدة للصورة، أي الإيضاح مع نمو الحركة.
وفي علاقة بالتشكيل كتبت ايمان الصامت تكمن أهمية الفعل السينوغرافي في قدرته على الانفتاح: من الفن التشكيلي إلى المسرح، حيث تمثل السينوغرافيا العنصر التنسيقي بين الجانب الاخراجي والجانب التشكيلي، فالضرورة الاخراجية هي التي تأخذ على عاتقها تأسيس مكانية العرض ودلالاته، والضرورة التشكيلية هي التي تأخذ على عاتقها التفكير والتصميم والانجاز البصري والتقني، ليؤديا معا إلى خلق الفعل الدرامي ما بين العناصر المرئية واللامرئية المؤثثة للعرض.
وختمت محاضرتها بالإشارة إلى التجربة السينوغرافية خطاب فني حامل لمعاني ودلالات متجددة هي وليدة لحظة الفعل بوصفه انعكاسا لحضور فكري وجسدي في انسجامه وتفاعله مع كيانه ومع الفضاء الذي يحتويه (جسد الممثل الحركي وجسد المصمم الفاعل والمنجز، وجسد المخرج المفكر والمنشئ) كمجال للممارسة والفعل وذلك لما يحتويه العرض في مراوحة بين التشكيل والاخراج، من تعاضد واندماج بين الانتماء المكاني ودلالات الأثر الفني.
• فوزية ضيف الله:استاذة الفلسفة المعاصرة بجامعة تونس المنار
المسرح التونسي يحتاج رجّة لتعيد تنظيم فوضاه
دكتورة مختصة في الفلسفة وتطرح في كتاباتها علاقة المسرح بالفلسفة، محبة للمسرح فرجة ونقد تعمد في كتاباتها الى العمق الفلسفي في الطرح الفني، في التجريب قدمت الدكتورة فوزية ضيف الله مداخلة بعنوان ّهل يحتاج مسرحنا الى رجّة».
وجاء فيها إنّ الرجة مفهوم صاغه الفيلسوف ريكور للحديث عن سياق جديد للأنا بعد اكتشاف منطقة اللاوعي، خلخلت الرجة الأنا التي تضخمت، طرحت التعالي المشط للوعي، هزمت انتصارات الوعي الوهمية، وأعادت تنظيم الفوضى التي أحدثها التحليل النفسي في جوانب الانسان المهزوم.
هل لنا أن نجرب رجة في المسرح؟
ألا يبدو أن مفاهيم المسرح اليوم تحتاج الى خلخلة، هزة مفهومية؟ لنخرج من طور الرفاهة المفهومية، لنخرج من طور الرتابة المسرحية، نراجع مفاهيم الركح وما عليه، نقلب أطراف الاخراج والكتابة، نقلم أطراف الحكاية من ألفها الى يائها. نعيد تركيب الاستعارة ضمن مسافة تأويلية جريئة.
يحتاج المسرح التونسي إلى رجّة، نخلخل ترتيب الذكورة والانوثة على الركح، فليتخاصم المتخاصمون أمام المفهوم المتعري للأنا، فيتساوى الجميع أمام لعبة المرآة، تكشف الرجة ضعف الحواجز الوهمية التي يختبئ وراءها جبل من القناعات المسبقة.
تفضح الرجة هشاشة البناء، ثم تعيد تركيب العلاقات على الركح من جديد، تعيد الثقة للنقد، تعيد الثقة للنص، وتجعل السلطة بين النص والمخرج، متراوحة بين السؤال وأداته.
ألا يبدو أن الرجة ستقوم ببعث الحياة في المصطلحات التي هُمشت، وتقتل المفاهيم التي طغت باطلا فقتلت النفس الابداعي؟
يحتاج المسرح الى رجة تعري جسده، ليرقص شفافا، خاليا من المبالغة والمواراة. ولد المسرح ليعيد للكلام حسّه الشفاف. ولكن المسافات المفعمة بالأنا حوّلته الى مطية للانتصار الفردي.
فهل تخلخل الرجة سطحية المفاهيم المسرحية، لتعيد فعل الولادة من جديد؟ كيف يمكننا أن نتحدث عن مولد للمسرح من رحم الأزمة المكفهرة؟
كيف نمر من خلخلة النظام الى ترتيب الفوضى؟ كيف نمر من فرض المجاز الى جواز التحقق على أرضية هشّة؟
وتختم الدكتورة فوزية ضيف الله مداخلتها بالسؤال:ألا يبدو أن الرجة تحتاج الى «نحن» المريدة والمقتدرة، تعوّل على اقتدار متزايد وتنتصر لمسرح موغل في العمق، شفاف في السطر، متماسك البنيان، متوهج الأغصان؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115