قال أبو السعود: خصلةٌ حميدةٌ حقيقةٌ بأنْ يُؤتَسَى ويُقْتَدى بهَا، ويتبع أثرها,.
الفتنة، أصل الفتن: إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته، ثم أطلق على الابتلاء والامتحان .
بعد أن ذكر اللَّه جلّ شأنه من تبرئ إبراهيم عز وجل والذين معه من الذين كفروا من قولهم وفعلهم، وبارزوا لهم التبري حتى يؤمنوا باللَّه تعالى وحده، ويوحِّدوا له العبادة لا شريك له، شرعوا في التوسل إليه تعالى بأسمائه الحسنى، وجميل أفعالهم، فجمعوا بين توسلين في حال دعائهم، استعطافاً لقبول دعائهم:
من التوكّل والإنابة إليه عزّ وجلّ والإيمان باليوم الآخر، ولمّا كانت هذه الخصال يحبّها اللَّه تعالى، حثَّنا وأكّد سبحانه وتعالى لنا في الاقتداء بهم، واتباع سيرته عليه السلام ، والذين معه، إلاّ في استغفاره لأبيه، قال قتادة في هذه الآية: "ائتسوا به في كل شيء، ما خلا قوله لأبيه: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ فلا تأتسوا بذلك منه، فإنها كانت عن موعدة وعدها إياه”.
فأمَرَنا ربنا تبارك وتعالى بالاقتداء بهم بالقول والفعل والدعاء.
رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا: بعد أن تبرؤوا شرعوا في التوسل إليه تعالى بخالص أعمالهم، وعبودياتهم له تعالى، مقدمة لسؤالهم ليكون أرجى في الإجابة والقبول: أي يا ربنا توكلنا عليك في جميع أمورنا: صغيرها، وكبيرها، وسلّمنا أمورنا إليك وحدك .
وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا: وإليك رجعنا بالاعتراف لك بكل ذنوبنا دون غيرك.
وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ: وإليك مصيرنا ومرجعنا يوم تبعثنا من قبورنا، وتحشرنا يوم القيامة إلى موقف العرض، (وفي تقديم الجار والمجرور (إليك) دلالة للحصر, والقصر في التوكل والإنابة والمصير عليه وحده جل وعلا دلالة على كمال توحيدهم، وإيمانهم.