وتحافظن على الموروث الشفوي، أغان بعضها يوثق لقصص ونضالات من حملوا السلاح ضد المستعمر، وأخرى تتغنى بقوة المرأة وشموخها، ودفاعا عن الموروث الشفوي وتعريفا بالمخزون البيئي للقرى الجبلية تحتضن قرية «البحيرة» من معتمدية بني خداش تظاهرة ثقافية سياحية تقدم الموروث وتعرف بالخصوصيات الثقافية للجهة ايام 22و23و24 مارس2020.
سيكون المهرجان في دورته الأولى لبنة إبداعية أخرى تضاف للجهة، فعل نضالي لترسيخ ثقافة الحياة وسط الجبال المترامية، فعل ثقافي ينحاز لأطفال الداخل ويرسخ لديهم ثقافة الفرجة الموسيقية والمسرحية والسينمائية، هو مطية أخرى للدفاع عن لامركزية الثقافة وإيصال كل التلوينات الإبداعية الى الطفل التونسي اينما وجد، ومن رحم الجفاف الثقافي وعطش ابناء القرى والجبال الى الابداع ولد المهرجان الذي تنظمه جمعية شباب الكرامة ببني خداش بالشراكة مع دار الثقافة بني خداش وفضاء «وطن الثقافي».
حيث تطوّقك الجبال من كل جانب بكثير من الحب والدفء والطمأنينة، أذاّ التفتّ رأيت نفسك كاملا متكاملا ، في قرية جبلية يسمو اليها البوح سينتظم مهرجان بحجم الحلم بأدوات وامكانيات بسيطة» حسب تعبير جلال حمودي المشرف على فضاء وطن الثقافي.
تنطلق فعاليات المهرجان صبيحة الثلاثاء 22 مارس، وفيها ستكتسح الدمى العملاقة شوارع القرية الجبلية، ويقدمون الهودج والعرس التقليدي في اطار التعريف بموروث القرية وخصوصياتها، لتتاح الفرصة للشاب مساء من خلال التعبيرات الشبابية الحرة، بالاضافة الى حضور العروض السينمائية، ولان سكان الجبال يتوارثون الكلمة والشعر تنطلق مساء اليوم الاول مسابقة وطنية في الشعر، مسابقة يتنافس فيها الشعراء على الكلمة والمعنى.
تتواصل فعاليات المهرجان الوليد وينفتح على المؤسسات التربوية لتشريك التلاميذ في الفعل الثقافي من خلال مسابقات في الثقافة العامة بين التلاميذ، بالاضافة الى ندوة فكرية موضوعها «مياه الامطار وكيفية التحكم فيها» والماء في المناطق الجبلية يعد بمثابة الكنز الذي تتغنى به الاغاني ويبدع الشعراء في توصيف جمالياتها، ليكون اللقاء بعدها مع المسرح وعرض لمسرحية عرائسية عنوانها «الشتاء قادم» انتاج نادي المسرح لدار الثقافة البير الاحمر، العمل من تحريك فاطمة حمادي وأمين حمداوي وحاتم حمادي وسيف الحامدي ومحمد حمداوي ومالك حمادي ، توظيب ركحي لمودة عجالة وسعاد كليلة بمساعدة ذكرى التائب وحسناء التويب واضاءة وصوت لبشير مطاوع وسينوغرافيا الحبيب الغرابي ونص وتاطير جلال حمودي، ثم اللقاء مع السينما وعرض لفيلم wonder park كاول لقاء للاطفال مع عروض الشاشة الكبيرة.
تختتم فعاليات اليوم الثاني مع الموسيقى الصوفية، تلك الموسيقى المنتشرة في ربوع الجنوب الشرقي ولها مريديها ولها طابعها المميز عن الموسيقى الصوفية في مناطق اخرى، في الجنوب تكون اصوات الة الشقاشق جزءا اساسيا في اغاني الحضرة وابتهالات الصوفيين والعرض للهادي ضيف الله بعنوان «حضرة»، هو تخميرة موسيقية لمحبي هذا اللون الصوفي المتلون والمتعدد تلوّن الايقاعات التي عرفتها تونس.
«مهرجان العيون الجبلية» فرصة ليعرف زوار الجهة القرى المترامية بين الجبال وقصص حكاياتها،تلك البحيرات المتناثرة بين الجبال وهي قبلة للزوار والباحثين عن الصفاء داخل الطبيعة لذلك تنطلق فعاليات اليوم الثالث للمهرجان بجولة سياحية ثقافية لبعض العيون الجبلية، ثم عرض لفيلم سينمائي للاطفال، وفي اطار احياء الموروث الشعبي والدفاع عنه وحمايته من الاندثار تقام مسابقة في «كرة القدّة» وهي لعبة شعبية قديمة يمارسها الرجال.
وتتواصل الفعاليات الفرجوية مع عروض الفروسية تلك العروض التي تجمع الفرجة والتشويق والفروسية شغف لازالت تتوارثه بعض الجهات التونسية وتدافع عن بقائه لان الفروسية جزء من التاريخ والموروث الثقافي والفني، وتختتم فعاليات التظاهرة الوليدة بعرض فني شعبي للفنان كيلاني طليق.
«مهرجان العيون الجبلية» تظاهرة ثقافية سياحية تعرّف بمنطقة البحيرة من بني خداش وتحافظ على الموروث الثقافي والمخزون التقليدي للجهة، عملية بحث في الذاكرة الجماعية وتقديمها في اعمال فنية تعرّف بثراء كل شبر من تراب هذا الوطن، المهرجان دفاع حقيقي عن لامركزية الفعل الثقافي وضرورة انتشار الفنون في كل ربوع الجمهورية التونسية، هو توليفة فنية و تجمع التقليدي والمعاصر وتنفتح على كل التلوينات الفنية، المهرجان في دورة وليدة يحتاج دعم السلط الجهوية والمركزية لترسيخ الثقافة والدفاع عن حق ابناء القرى الجبلية البعيدة عن المركز في الثقافة.