والجمعيات ذات العلاقة بالأدب والنقد. كما أن في رصيدها روايتان ومجموعة قصصية متوجة بجائزة نادي القصة وأخرى في طريقها إلى النشر. وفي كتاباتها مواضيع وقضايا قلما وقع التطرق إليها. وقد التقت «المغرب» مع القاصة والكاتبة عفاف الشتيوي، فكان الحوار التالي:
• في البداية حبذا لو تعرّفين القارئ بمسيرتك الحياتية والأدبية؟
عفاف الشتيوي أستاذة اللّغة العربية، خرّيجة دار المعلّمين العليا وكليّة الآداب منوبة، حاصلة على الدكتوراه في الأدب الحديث، لي مشاركات في عدّة ملتقيات أدبية وندوات أكاديمية داخل تونس وخارجها. وقد قدّمت عدة مداخلات علمية في ندوات أكاديمية مثل ندوة خطاب المقدّمات بكلية الآداب القيروان وندوة الصمت في الخطاب بالمعهد العالي للغات بمدنين والملتقى الأوّل للباحثين في الدكتوراه حول التأويل في الفلسفة والأدب بكلية الآداب بتطوان، في المغرب، والمؤتمر الدولي الخامس حول القضايا الراهنة للغات بالأهواز في إيران، كما أن لي كذلك مشاركات عديدة في الملتقيات الأدبية مثل وملتقى الأدباء العصاميين بسوسة وملتقى الأدباء الشبان بقليبية وملتقى القصّة القصيرة بمساكن كما نشرت عدة نصوص قصصيّة بمجلاّت تونسية (الحياة الثقافية) وعربية (كتابات معاصرة، الكلمة..) كما نلت جائزة القصّة القصيرة للنادي الثقافي أبي القاسم الشابي بالوردية عن مجموعتي القصصيّة الأولى «مرايا مذعورة» سنة 2014. صدرت لي رواية «ذات رحيل» عن دار زينب سنة 2017، وقريبا ستصدر لي رواية ثانية موسومة بوجوه أورثيلو السبعة عن دار نقوش عربية.
• كيف جئت إلى عالم الأدب؟
يعود شغفي بالأدب إلى طفولتي الأولى، حيث كنت مولعة بالأدب، ألتهم الكتب وأجد في مطالعتها متعة غريبة، سرعان ما تطوّرت إلى محاولات في الكتابة، أخذت تتطوّر شيئا فشيئا بالتوازي مع تطوّر مطالعاتي. وقد وجدت تشجيعا من والديّ اللّذين رعيا هذه الموهبة وشجّعاني على الانخراط في النوادي الثقافية والمشاركة في الملتقيات الأدبية. ولاشك في أنّ اختصاصي العلمي عمّق اهتمامي بالأدب ومكّنني من الانفتاح على تجارب أدبية متنوعة وساعدني على امتلاك آليات الكتابة. فالنقدي والإبداعي متكاملان، ينهل أحدهما من الآخر.
• ما القضايا التي أثرتيها في إصداراتك؟
حاولت أن أقارب الواقع من زوايا مختلفة وأن أتوغّل في عوالم الذات البشريّة وأرصد علاقتها بذاتها وبالآخر وبالوجود. في «ذات رحيل» تناولت شخصيّتين مختلفتين: أولاهما امرأة، رصدت عوالمها الداخلية وصراعها مع المجتمع الذكوري والثانية رجل يواجه إشكالات وجوديّة مختلفة ناشئة عن سلسلة من الجرائم التي ارتكبها دون قصد. ويكون لقاء هاتين الشخصيتين على متن الباخرة حيث تتقاطع المصائر. أمّا في «وجوه أورثيلو السّبعة» فقد رصدت الواقع الاجتماعي والسياسي في تونس عقب 2011 من خلال شخصيّة الإرهابي الذي كان شريكا في تنفيذ العملية الإرهابية ببن قردان (شخصيّة متخيّلة) ، وكان ذلك سياقا للتوغل في عوالمها والإحالة على من جاورها من شخصيّات اختزلت مختلف الإشكالات التي واجهتها الذات التونسية في علاقة بالدين والهوية ومعنى الوجود.
• أنت تكتبين القصّة والرواية، فأي منهما أقرب إليك؟ لماذا؟
بدأت بكتابة القصّة القصيرة، لكنّني سرعان ما انتقلت إلى الرواية لشعوري بأنّها الأقرب إلى شخصيّتي وإلى توجّهي في الكتابة. فأنا أميل إلى تناول مواضيع متشعبة وعميقة لا يستوعبها غير المتن الروائي. فالرواية تمكّن الكاتب من التّوغل في عوالم مختلفة والتّطرق إلى مواضيع عديدة وتوظيف فنيّات مختلفة فضلا عن أنّها تمنحه آفاقا في التجريب متعدّدة. فهي أكثر مرونة وأقدر على استيعاب عوالمي. لكن هذا لا يعني أنّني توقفت عن كتابة القصة القصيرة، إذ لديّ مخطوط مجموعة قصصية ثانية موسومة «بوقع المطر».
• أنت عضو في صالون الأدب الوجيز وفي هيئة تحرير مجلّة الكلمة، فهل من لمحة عنهما؟
صالون الأدب الوجيز، تديره الكاتبة إلهام بوصفارة، مقرّه دار الثقافة مساكن، ويعنى بالأدب الوجيز من قبيل القصة القصيرة جدا وقصيدة الومضة، ويهتمّ بالتعريف بهذا النوع الأدبي وتأصيله من خلال تنظيم ورشات تكوينية تعرّف بمقوّماته وتضبط جهازه المصطلحي. ويسعى القائمون عليه إلى تأطير المواهب الجديدة وصقل تجارب المبدعين وإتاحة فضاء للتواصل بين المبدعين والنقاد داخل الوطن وخارجه.
أمّا مجلّة «الكلمة» فهي مجلة حديثة النشأة، صدر عددها الأوّل في جويلية 2021، وهي مجلّة أدبيّة ثقافيّة جامعة تعنى بالنقد والإبداع. أنشأها الأساتذة وناس سعد وعبد الباسط الشايب وعائشة الخضراوي. أمّا أعضاء هيئة تحريرها، فهم د، سمير السحيمي وأ، منصور الشتوي وأ، محمد الهادي بوقرة ود، منيرة القنوني ود، سعدية بن سالم. ويسعى القائمون عليها إلى تقديم مادة ثقافية دسمة تسهم في إثراء المشهد الثقافي.
• هل مازال نادي القصة بالوردية متميزا في أنشطته وقد فزت بجائزته في 2014 أم أنّه فقد بريقه. ولماذا؟
لم أتابع أنشطة نادي القصة منذ سنوات، الواقع أنّه ناد عريق، إذ يعدّ من أقدم النوادي الأدبية بتونس، حيث تأسّس في السّتينات من القرن الماضي، وكان يشرف عليه الأديب محمّد العروسي المطوي. ولاشك في إسهامه في إثراء المشهد الثقافي في تونس من خلال ملتقاه السنوي ومجلته الفصلية. إلا أنّه يحتاج في تقديري إلى أن ينفتح على تجارب مغايرة وأن يفسح المجال للأجيال الجديدة.
• كيف يبدو لك المشهد الأدبي في بلادنا بعد 2011؟
لاشك في أنّ للتحوّلات السياسية والاجتماعية أثرا في الحياة الثقافية التي عرفت تنوّعا كبيرا. فالواقع المتشعب المعقد، الفوضوي، ملهم، الأمر الذي أسهم في بروز أسماء كثيرة في ميدان الأدب، وازدهار الرواية جنسا أدبيا، إذ أقبل عدد هامّ من المبدعين على كتابة الرواية. وأسهمت دور النشر بدورها في ذيوع الكتب وانتشارها والاحتفاء ببعض المواهب. ولا ننسى تتويج عدة روايات تونسية مثل فوز رواية «الطلياني» لشكري المبخوت بجائزة البوكر سنة 2015 وفوز رواية «الاشتياق إلى الجارة» للحبيب السالمي بجائزة كتارا في دورتها الأخيرة.
رغم ذلك، أرى أنّنا وقعنا في فوضى إبداعية ناتجة عن كثرة النصوص وكثرة الكتاب وكثرة دور النشر، وهو ما جعل الكتابات التي ترتقي إلى الأدب وتتوفر على الطرافة قليلة. إذ بات من الصعب تمييز الغثّ من السّمين، حيث كثر المتطفلون على عالم الأدب، وأصبحت المسألة تجارية، إذ يجنح بعض الكتاب إلى تناول المواضيع الجريئة لإحداث الضجّة وتحقيق الشهرة والبعض الآخر يكتب بالعامية. وهي في تقديري ظواهر تخلّ بمعايير الإبداع الحقيقي وتشوّه صورة المبدع. لهذا من الضروري إيلاء هذا الموضوع حظّه من العناية واعتماد لجان قراءة يرأسها خيرة المبدعين والنقاد لتقييم النصوص قبل نشرها والسعي إلى الانتصار للأدب الحقيقي الذي يقدّم صورة مشرّفة عن المبدع التونسي ويكفل خلق ثقافة واعدة من شأنها أن تسهم في تجذير القيم وبلورة الوعي والنهوض بالمجتمع.
الروائية عفاف الشتيوي لـ «المغرب»: بعد 2011 كثر المتطفلون على الأدب
- بقلم الحبيب بن فضيلة
- 12:22 19/01/2022
- 1201 عدد المشاهدات
تعتبر الروائية عفاف الشتيوي من الأصوات الأدبية المتميزة بكثرة نشاطها الأدبي وتنوعه. لها حضور في الدوريات الفكرية والثقافية وفي النوادي