«حليمة سكول ارت» ويصحبون مشاهدي اعمالهم ولوحاتهم الى عوالمهم الفنية الخاصة ورؤيتهم للفن والمراة والعنف في معرض فني تشكيلي عنوانه «لا للعنف، نعم للفن» الذي ينظمه الفضاء الثقافي حليمة «سكول ارت» وتعرض اللوحات برواق الفندري بصفاقس ممضاة بأسماء ابناء نادي الفن التشكيلي من الناشئة المهتمين باللون والرسم، وتؤطر النادي الاستاذة والباحثة في الفنون التشكيلية مروى الميساوي.
تختلف اللوحات وتتباين طريقة التعبير عنها، تتماهى الالوان وتتباين احيانا حسب اللوحة المقدمة لكن جميعها تشترك في فكرة نبذ العنف والانتصار للفن، للجمال وللمرأة، اغلب الاعمال المعروضة ترسم المرأة وتنتصر لالوانها، اغلبها تسلط الضوء على العنف الذي تتعرض له النساء في العمل وفي الشارع، تتداخل تدرجات الرمادي والاسود والازرق في الاعمال التي تتناول موضوع تعنيف المراة، وتوضع هالات من الالوان لتبرز قبح فعل التعنيف وبشاعته، فالرسامون من الناشئة وهم في مرحلة عمرية جدّ حساسة يؤثر فيهم الفن وعادة ما يكون وسيلة للتعبير الايجابي.
كثيرة هي القيود المرسومة على المرأة في كل لوحة يوجد اللون الاحمر لون التعنيف والدم مع خيوط وشرائط احيانا تكون بمثابة القيد الجسدي وأخرى تشبه قيود الروح الكثيرة المسلطة على النساء في المجتمع التونسي، بألوانهم المختلفة يغوص ابناء «حليمة سكول ارت» في نفسية الأنثى، ينصتون لأوجاعها ويرسمون انينها ويحولونه الى ابداع تشكيلي يبهر مشاهد اللوحات من الناشئة والكبار، فبالرسم انتصروا للمرأة الانسان، بالألوان عبروا عن رفض العنف والتعنيف الذي تعاني منه الكثير من النساء، من خلال بوح الريشة ووشوشات الالوان تدفعك اللوحة للبقاء اكثر والإنصات الى قصة الشخصية المرسومة او من وضع لمساته الابداعية على الورق الابيض ليتحول الى اهزوجة للحياة تتدافع فيها الالوان رغم وجود القليل من الاحمر والأسود.
بعض اللوحات يبرز منها نصف وجه فقط، نصف ابتسامة ونصف جسد، هي قراءة اخرى للعنف تنقلها الالوان في تماهي الرمادي مع الازرق والبرتقالي، تنقل فقط النصف المعنّف كانها صورة مصغرة عن مجتمع يعنّف الانثى باسم العادات والتقاليد والدين و الحرية، مجتمع تعنّف فيه النساء وتنتهك حقوقهنّ الاقتصادية والاجتماعية، مجتمع يعي ناشئته بخطورة العنف فرسموه وأبرزوه للعلن وللجمهور ليقلوا بصوت الالوان كفى عنفا وخوفا، كفى تعنيفا، نريد ان نرسم عالم اخر بالألوان ومجتمع سوّي يساوي بين المراة والرجل في الحقوق والواجبات فعلا لا فقط بالاقوال.
«نعم للفن، فلننشر ثقافة الالوان والاختلاف وحب الحياة وقبول الآخر، نعم للفن فهو وسيلة للنقد ومعرفة الثقافات الاخرى واكتشاف المختلف، نعم للألوان لنرسم عالمنا ونحوّل سواده الى الوان زاهية تنشر ثقافة الحب والجمال، نعم لكل تلوينات الفنون لأنها تشحن الناشئة بطاقة جميلة وتحمّلهم مسؤولية بناء مجتمع الغد ونقد مجتمع اليوم، نعم للموسيقى والرقص وكل الفنون التي تزرع في الانسان بذرة الامل والبهاء، هكذا تتراقص الالوان في اعمال ابناء مروى الميساوي، الوانهم تحفز الناظر لمزيد البقاء امام اللوحة وقراءتها فنيا ونفسيا واجتماعيا، اعمالهم عميقة فهي تعبيرة فنية صادقة يبدع في تشكيلها تلاميذ عشقوا الرسم واختاروه وسيلتهم للتعبير والدفاع عن المرأة والفن.
«لا للعنف، نعم للفن» عنوان المعرض التشكيلي، لوحات لناشئة تقبل على الرسم بشغف الاطفال وتوزع الالوان بحنكة الكبار وتتعامل مع الحجم والخط بخبرة الفنانين المحترفين، هي دعوة للحب ونبذ العنف، تاشيرة الى رحلة في عوالم الفن التشكيلي مسكونة بالنقد، اعمال تنقل معاناة النساء في ازمة الكورونا وأخرى تنتصر للحالمات وثالثة تنقل وجعها في العمل وأخرى تسلط على معاناتها في الشارع وأعمال اخرى تنتصر للألوان الجميلة ولثقافة الاختلاف والحياة، تتباين طريقة التعبير في موضوع واحد هو نبذ العنف، فكرة جميلة ترسخ ثقافة الاختلاف لدى الناشئة وتعرّفهم بالحقوق والواجبات منذ الصغر، هي ايضا دعوة فنية لمزيد الانتباه لإبداعات الاطفال والناشئة فهم يختزنون موروث لوني وجمالي وإبداعي مبهر في الكثير من الاحيان وهم طاقات مميزة تنتظر فقط الفرصة لاكتشاف الموهبة وتاطيرها فالفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية.