وكان من أثر ذلك أن القلوب فاضت بحبه وإجلاله، فالذين عاشروه أحبوه ولم يبالوا أن تقطع أعناقهم ولا يخدش له ظفر، لما رأوا من جمال خَلقه وعظيم خُلُقِه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ: " كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس وجها، وأحسنهم خَلْقا " رواه البخاري .قال النووي: " قال القاضي عياض: ضبطناه خلقا بفتح الخاء وإسكان اللام هنا لأن مراده صفات جسمه، قال: وأما في حديث أنس فرويناه بالضم لأنه إنما أخبر عن حسن معاشرته " .
• جمال الْخَلق :
عن أبي الطفيل ـ رضي الله عنه ـ قال: " رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أبيض مليحا مُقَصَّدا " رواه مسلم .
قال النووي: " هو بفتح الصاد المشددة وهو الذي ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل ولا قصير" .
وذكر العلماء وصف أم معبد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين مر بخيمتها مهاجرا - فقالت : " ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجله (ضخامة البدن)، ولم تزر به صعلة (صغر الرأس)، وسيم قسيم (حسن جميل)، في عينيه دعج (سواد العين)، وفي أشفاره وطف (في شعر أجفانه طول)، وفي صوته صحل (بحة وخشونة)، وفي عنقه سطع (طول)، أحور، أكحل، أزج (الحاجب الرقيق في الطول)، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر ( وسط لا قليل ولا كثير)، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن، ربعة، لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود (يخدمه أصحابه ويعظمونه) محشود (يجتمع إليه الناس)، لا عابس ولا مفند " .
• وجهه ومنظره :
كان وجهه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل الشمس والقمر في الإشراق والصفاء، مليحًا كأنما صيغ من فضة، لا أوضأ ولا أضوأ منه، قالت الربيع بنت معوذ: " لو رأيته رأيت الشمس طالعة " .
وعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال: " رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ليلة إضحيان "مضيئة مقمرة" وعليه حُلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر " رواه الترمذي .
ولقد سُئل جابر : " أكان وجه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل السيف؟، قال: لا، كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديرا " رواه البخاري .
وقال كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: " كان إذا سر استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر " رواه البخاري .
وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: " ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كأن الشمس تجري في وجهه " رواه الترمذي .
يتبع