فتاة حلب تغادرنا ... وداعا ميادة بسيليس

«ما في شي مستاهل ما في شي حرزان، بكرى كل شي رايح نيالو الرضيان» و راحت منشدة هذه الكلمات عن دنيانا

في عمر يناهز الأربعة وخمسين عاما تاركة خلفها إرثا يغني المكتبة الموسيقية ويواسي قلوب محبيها و عائلتها.
القي خبر وفاة الفنانة ميادة بسيليس ليلة الأربعاء ظلال الحزن الكئيبة على الوسط الفني في سوريا و العالم العربي.
اثر خوضها لمعركة قصيرة المدى مع عدوها الخبيث السرطان، توفيت المطربة السورية بعد ثلاثة أسابيع من رحلة عناء مع المرض، فقد سبق أن أعلن زوجها الموسيقار «سمير كويفاتي»عن إصابتها بالسرطان في الشهر الفائت راجيا من جمهورها الدعاء لها .

حلب المولد والانطلاقة
شكلت المطربة الرقيقة وزوجها كويفاتي ثنائيا فنيا ناجحا فكانت اغلب لقاءاتها الفنية وظهورها برفقته، شريك موسيقي يسند ظهرها ويتغنى بصوتها و أغانيها الطربية التي تحمل الكثير من المعاني و المضامين الراقية وتحترم أذن المستمع الموسيقية.
«كلما رحبت بنا الروض قلنا حلب قصدنا وأنت السبيل»، لتكون مدينة حلب الجميلة مرسى للمغنية الراحلة من مواليد عام 1967،أين انتمت إلى بيئة محافظة واكتسبت في جعبتها الفنية العديد من الترانيم الدينية للسيدة العذراء و السيد المسيح.
كان ذلك لإيمانها بان الترنيم غذاء للروح ويجعل من الإنسان يقدر معاني الأشياء الموجودة من خلال الكتب السماوية التي عند ترتيلها نشعر بوجودها.
هناك، في حلب الشهباء عرفت ميادة طريق الفن منذ الطفولة تحديدا منذ سن التاسعة عبر إذاعة حلب وتسجيلها دور «أصل الغرام» التي كانت الأولى في برنامج الهواة.
وقد قدمت طفلة الإحدى عشر سنة اوبريت «ملكة القطن والشمس»،ثم نالت كاس أجمل صوت في مهرجان الطلائع.
رغم جمالها ورقة شكلها حينذاك و ما يحمله اسمها من معاني النعومة والدلع والدلال،حافظت المطربة السورية على وقار الفنان و اعتمدت على موهبتها الغنائية حتى أنها لم تلتجئ يوما لتصوير كليبات غنائية مثيرة طمعا في مزيد من الشهرة والانتشار. الأمر الذي جعلها تحمل الزمن الجميل في حلها و ترحالها و في صوتها الحامل للكثيرمن مفردات الحب و مزيج من المقامات.

«كذبك حلو» صفارة الانطلاق لنجومية السيدة
« كذبك حلو - شو حلو لما كنت شي كذبة بحياتي «كلمات انتشرت بشكل كبير في سوريا والشرق الأوسط و كانت بمثابة كلمة عبور لميادة نحو الشهرة في الوسط الفني العربي فحازت من خلالها على الجائزة الذهبية لأفضل أغنية عربية عام 1999.
ويحمل رصيد بسيليس 14 البوم بداية من 1986، منها أغاني كانت دندنتها سهلة على المستمع فحفظها الجمهور ولاقت صدى كبير لجمال كلماتها ورقة أنغامها كرقة صاحبتها،منها يا «طيوب» و «يا غالي» و «خليني على قدي».
كما أحيت سيدة الأغنية السورية العديد من الحفلات في عدة المحافل لعلَّ مِن أبرزها حفل في مجمع «قصر الفنون الجميلة» في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، وحفلاتها في دار الأوبرا في مدريد إسبانيا وفي دار الأوبرا المصرية بالقاهرة.

لن يخفى عن ممثلة الأغنية السورية الطربية،تخليد مسيرتها الفنية بالعديد من الجوائز والتكريمات أولها الأورنينا الذهبية عن أغنية «هوى تاني» كما نالت الأغنية ذاتها جائزة الأورنينا كأفضل لحن حديث.
أما في مهرجان الأغنية السورية السادس،نالت أغنيتها: «خليني على قدي» جائزة أفضل لحن حديث في مهرجان الأغنية السورية السابع.
وأخيرا وليس آخرا، نالت الجائزة الأولى في مهرجان الموسيقى العربية في الدار البيضاء عن أغنية «يا رجائي» عام 2004.
عندما أدرك صناع الدراما السورية تأثير صوت ميادة على الجمهور قاموا بإشراكها في غناء ما لا يقل عن عشرة مسلسلات درامية على غرار» جواد الليل» و « أيام الغضب» و»أنباء القهر» و غيرها من الأعمال التي ستخلد ذكرى الفنانة الراحلة بكلمات مدادها مزيج من حب حارق وشجن وألم فراق.
«أنا أحلالي امشي ... وحدي بلا رفيق» ومشت فعلا بلا رفيق، مؤنس محبيها في غيابها صوتها العذب وعبق أغانيها الراقية التي ستبقي على صورة الفن الأصيل من ترنيمة زهرة حلب.
فوداعا لسيدة الأغنية السورية...

جيهان المكاحلي (متربصة)

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115