وقالها محمّدٌ صلَّي اللهُ عليه وسلَّم حين قالوا إِنَّ النَّاس قد جمعوا لكم فاخْشَوهم فزادهم إيمانًا.
وقالوا: «حسْبنا الله ونِعْمَ الوكيلِ» رواه البخاري.
وفي روايةٍ له عن ابن عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما قال: كان آخرُ قولِ إبراهيم صلَّي اللهُ عليه وسلَّم حين أُلقِيَ في النَّار: «حسْبي اللهُ ونِعْمَ الوكيلِ».
ونحن نعلم أن سيّدنا وإبراهيم ومحمد - علهما الصلاة والسلام - هما خليلان لله عزَّ وجلَّ، قال اللهُ تعالى: «وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا» النساء: من الآية 125، وقال النبي صلي الله عليه وسلم: «إنَّ الله قد اتخذني خليلًا كما أتَّخذ إبراهيم خليلًا». والخليل: معناه الحبيب الذي بلغت محبَّتُه الغاية، ولا نعلم أنَّ أحدٌ وصف بهذا الوصف إلَّا سيدنا محمّدًا صلي الله عليه وسلم وإبراهيم، فهما الخليلان.
على أنَّ سيدنا محمدًا صلَّي اللهُ عليه وسلَّم قد كلَّمه الله - سبحانه وتعالى - كلامًا دون واسطةٍ، حيث عُرج به إلى السماوات السبع.
هذه الكلمة: «حسْبنا الله ونِعمَ الوكيلِ» قالها إبراهيم حينما ألْقي في النار، وذلك أنَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فأبوْا، وأصرُّوا على الكفر والشرك، فقام ذات يومٍ علي أصنامهم فكسَّرها، وجعلهم جذاذًا، إلَّا كبيًرا لهم، فلما رجعوا وجدوا آلهتهم كُسِّرت، فانتقموا - والعياذُ بالله - لأنفسهم. فقالوا ما نصنعُ بإبراهيم؟ « قَالُوا حَرِّقُوهُ» - انتصارًا لآلهتهم - «وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِين» الأنبياء: 68 فأوقدوا نارًا عظيمة جدًّا، ثم رموا إبراهيم في هذه النار. ويُقال إنَّهم لعظم النار لم يتمكَّنوا من القُرب منها، وأنَّهم رموا إبراهيم فيها بالمنجنيق من بُعْدٍ، فلمَّا رموه قال: «حسْبنا اللهُ ونِعْمَ الوكيل»، فما الذي حدث؟
يتبع