ومَن رام العُلا مِن غيرِ كَدٍّ أضاع العُمْرَ في طلَب المحال
إن كل مسلم لديه إرادة، لكنها تتفاوت من شخص لآخر، قال حاتمٌ الأصم: إذا رأيت المريد يريد غير مراده، فاعلَمْ أنه أظهر نذالته.
مِن صفات المريد: أن يكون نومه غلبةً، وأكله فاقةً، وكلامه ضرورةً؛ فصاحب الإرادة لا ينام إلا إذا غلبه النوم، ولا يأكل إلا إذا احتاج أن يسد رمقه، ولا يتكلم إلا إذا اضطر للكلام، فهو حريص على وقته، جديرٌ بالحفاظ على حياتِه.
وقيل: مَن لم تصح إرادته ابتداءً، فإنه لا يزيده مرور الأيام عليه إلا إدبارًا.
• كيف تقوِّي إرادتك؟
لا شك أن الإرادة مرتبطة بالإيمان، فإذا قوِيَ إيمان المسلم قوِيَتْ إرادته؛ قال تعالى: « وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ «العنكبوت: 69، وتقوية الإرادة لها عوامل:
- أولها: التربية ومجاهدة النفس:
تعلَّمْ من رمضان التعود على العادات الحسنة؛ تعود على قراءة القرآن، والصيام، والدعاء، وقيام الليل، والتصدق على الفقراء، وصلة الأرحام، وكف الأذى، والإحسان إلى الناس، وكَظْم الغيظ، وكف اللسان.
- ثانيها: المداومة على الطاعات:
فتلك وصية الله لحبيبه، حين قال: « وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ « الحجر: 99 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بادِروا بالأعمال»، وكما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : «كان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أدومها، وإن قَلَّ».
- ثالثها: المسارعة وعدم التردد:
مِن أخلاق أصحاب الإرادة: أنهم يسارعون إلى الخيرات؛ قال ربنا: « أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ» المؤمنون: 61
وهذا واضح في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي غزوة أُحُدٍ أشار على الصحابة في الخروج، فبعضهم قال بالخروج، وآخرون بعدم الخروج، فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي مَن قالوا بالخروج، فلبِس لَأْمَةَ الحرب، فجاؤوه خشية أن يكونوا أكرهوا الرسول على الخروج، فقال لهم: «إنه ليس لنبي إذا لبِس لَأْمَتَه أن يضَعَها حتى يقاتل»:
أيها الصائم، إذا أردت التغيير، فعليك بالإرادة، وإذا عزمت أن تحجز مكانًا لك في الجنة، فإنها الإرادة، وإذا هممت أن تعتق رقبتك من النار، فعانِقِ الإرادة.
إنها فرصة كبيرة لأن تجعل مِن رمضان انطلاقة بالإرادة والعزيمة، فانطلق نحو التغيير؛فتلك فرصتك في رمضان..
• الوسيلة السابعة: اجعل لك مع أولادك حلقة قرآنية يومية، ولو قصيرة من حفظ أو تلاوة، مع شيء يسير من التعليق من كلام أهل العلم، ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: (إن البيت ليتسع على أهله، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويكثُر خيره أن يُقرأ فيه القرآن)،
يتبع