الحُسنى الواردة في الكتاب والسُنة، والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله وسؤاله بها، قال الله تعالى: «وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»الأعراف:180.
وأسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل والاجتهاد فيها، فيجب الوقوف فيها على ما جاء به القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، فلا يُزاد فيها ولا يُنقص. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال»إن لله تسعة وتسعين اسماً مائةً إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة» رواه البخاري
. قال النووي: «واتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى، فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصر الأسماء، ولهذا جاء في الحديث الآخر»أسألك بكل اسم سمَّيْتَ به نفسك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك»».
و(القهَّار) من أسماء الله تعالى الحُسْنى، وَهُوَ اسْمٌ يَمْلَأُ القلب هَيْبَة لله تعالى، وَإِجْلَالًا وتعْظِيماً له سبحانه، وَخَوْفًا منه وَرَجَاءً فيه، وهو مشتق من القَهْر، والقهار هو الذي لا موجود إلا وهو مُسَخَّر تحت قهره وقدرته، قال الطبري في تفسيره لقول الله تعالى: «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ»غافر:16 : «القهار لكل شيء سواه بقدرته، الغالب بعزته». وقد ورد اسْمُ الله تعالى «الْقَهَّار» في مواضع سِتَّةٍ مِن القرآن الكريم، كُلُّها فِي تَقْرير توحيد اللَّه تعالى، وأنه لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاه، لأنه سُبْحانه قهَر جميع خَلْقِه، فهُمْ تحْت حُكْمه، ويجري عليهم أمره، ولا حَوْلَ لَهُمْ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِه، قال الله تعالى»يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ»يوسف:39، «قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ» الرعد:16، «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ» إبراهيم:48، «وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ»ص:65، «لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ»الزمر:4 ، «يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ»غافر:16.
قال العلماء «القهار لا يكون إلا واحدا، ويستحيل أن يكون له شريك، بل القهر والوحدة متلازمان، فالملك والقدرة والقوة والعزة كلها لله الواحد القهار، ومن سواه مربوب مقهور». وقال السعدي: «كل مخلوق فوقه مخلوق يقهره، ثم فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه، حتى ينتهي القهْر للواحد القهَّار، فالقهْر والتوحيد متلازمان متعينان لله وحده».