إذ اضطلع بتدريس العلوم بداية من سنة 120هـ -737م. ونافسته لفترة مؤسسة بيت الحكمة في رقّادة في القرن الثالث الهجري ...وبذلك يعتبر أقدم جامعة عربيّة إسلاميّة استمرت تؤدي دورها قرابة ثلاثة عشر قرنا متتالية دون انقطاع يذكر. فقد أكد المؤرخ حسن حسني عبد الوهّاب، هذه العراقة بقوله:» إنّ جامع الزيتونة هو أسبق المعاهد التعليميّة للعروبة مولدا وأقدمها في التاريخ عهدا».
وظلّ جامع الزيتونة باعتباره مؤسسة علم وعبادة مزدهرا إلى أواخر العهد الحفصي - 634هـ/981هـ- 1237م/1573م- حتّى أنّ العلامة عبد الرّحمان بن خلدون- الذي تتلمذ في جامع الزيتونة ودرّس به- اعتبره طليعة المؤسسات التعليميّة في المغرب الإسلامي خلال القرنين الثامن والتاسع للهجرة - الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين.
كان التعليم فيه يشمل التعليم الإسلامي الأدبي والديني والفلسفة وعامة العلوم العقليّة والرياضيّة وخصوصا الطب والفلك والرياضيّات. وعرف نظام التعليم بجامع الزيتونة- منذ أواخر العهد الحفصي- مرحلة طويلة من التراجع جرت خلالها محاولات عديدة لإصلاحه.
قام أحمد باي الأوّل بتنظيم التعليم بجامع الزيتونة بمقتضى الأمر المؤرّخ في نوفمبر 1842.
أصدر الوزير الأكبر المصلح خير الدين باشا الأمر المؤرخ في 27 جانفي 1876 الذي أعطى دفعا جديدا للتعليم الزيتوني، غير أن الأمر بقي حبرا على ورق بالنسبة إلى تدريس العلوم العصريّة التي أراد خير الدين إدخالها في برامج التعليم الزيتوني وذلك بسبب معارضة بعض كبار الشيوخ المحافظين.
حرصت السلطات الاستعماريّة - طوال فترة سيطرتها على تونس (1881 - 1956) - على فرض سياستها التربويّة على الزيتونة لتهميشها وإخماد صوتها، باعتبارها معقلا من معاقل المقاومة الثقافية ضدّ التسرّب الاستعماري والتأثير الفرنسي في البلاد.
ورغم ذلك ، تواصلت وتيرة المطالبة بإصلاح التعليم بالجامع الأعظم وقد صدرت مجموعة من التراتيب تلبية لمطالب الحركة الوطنيّة، أهمّها :
• سبتمبر 1912: ترتيب جديد ينظّم التعليم الزيتوني ويقسّمه إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الابتدائية: تنتهي بشهادة الأهلية.
- المرحلة المتوسطة: تنتهي بشهادة التحصيل.
- المرحلة العليا: تنتهي بشهادة العالميّة.
• أفريل 1933 : تطوير برامج التعليم مع تغيير تسمية شهادة التطويع بالتحصيل في العلوم.
• أفريل 1951 : بعث الشعبة العصرية: إحداث شهادة التحصيل العصريّة في جزئين شبيهة بشهادة الباكالوريا.
غير أنّ هذه الشعبة العصريّة الزيتونيّة أخذت في التراجع بشكل ملحوظ إلى أن أغلق تعليم جامع الزيتونة منذ السنة الدراسيّة 1959 /1960
وقد تحقق إغلاق تعليم الجامع تحت شعار توحيد تعليم عصري في جامعات عوض الجوامع .وتبعا لتوسّع نظام التعليم الثانوي الموحّد الذي بدأت الحكومة التونسيّة تنفّذ برامجه تدريجيا بداية من أكتوبر 1958 إثر حصول تونس على استقلالها الوطني ؛ صدرت في شأن مؤسسة الجامع الأعظم الأوامر التالية:
• 26 أفريل 1956: بعث الجامعة الزيتونيّة.
30 جوان 1958: الإعلان عن إصلاح التعليم العمومي وتوحيد برامجه، أصبحت بمقتضاه الفروع الزيتونيّة مدارس إعدادية مدمجة في صلب التعليم الثانوي العمومي. وبعد تأسيس الجامعة التونسية في31 مارس 1960 ، التي أصبحت تضمّ معاهد عليا وكليات عديدة، تمّ في 1 مارس 1961 بعث» الكليّة الزيتونيّة للشريعة وأصول الدين» (خلفا للجامعة الزيتونيّة) التي أصبحت إحدى مكونات الجامعة التونسيّة.
• 27 أكتوبر 1961: تمّ ضبط برامج الإجازة في الشريعة وأصول الدين.