على نبينا ليكون من المنذرين؟! ألم تتأمل قوله تعالى» اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ «الزمر:23»
فالقرآن له أثر عظيم جليل على القلب، ولا سيما أهل الإيمان، وأهل القرآن؛ فإنه لو أنزل على جبل لخشع وتصدع من خشية الله، فكيف بالمضغة الصغيرة التي في صدر الإنسان؟!
فيا عجباً لمن يقرأ، أو يستمع للقرآن، ولا يخشع، ولا يلين قلبه، فقد قال تعالى» فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ «الزمر:22 .
فكلام الله يورث السكينة والطمأنينة في القلوب، فترى حامل القرآن، العامل به، سلوكه قويم، ولا يتكلّم إلاّ بكلام حكيم؛ لأنه يضمّ في صدره كلام العزيز العليم، فإن كان منه غير ذلك، فلا شك أن هناك خللاً؛ لأن القرآن يهدي للتي هي أقوم، فلا يمكن أن يصدر منه خلق ذميم.
ومن شدة عظمة هذا الكلام أنه شفاء للأمراض الحسية والمعنوية، كما قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ « الإسراء:82 والناس يتعالجون بالقرآن، ووجدوا ثمرته، سواء في الأمراض الحسية، أو المعنوية، فلا يصح أن يعرض إنسان عن هذا الكتاب بعد أن تبلغه هذه العظمة، فقد شهد أحد زعماء قريش بهذه العظمة، وهو الوليد بن المغيرة، قائلاً عن القرآن بعد أن سمعه من النبي صلّى الله عليه وسلم «إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته» «المستدرك على الصحيحين (3872).
إنّ الحديث عن عظمة القرآن، وعن أثره على النفوس والقلوب يطول، لكن أقول: لا بد أن يتأثر العبد بكلام ربّه؛ لينال قربه، فالقرآن يورث في القلب الإيمان، وحبّ الخير والبر والإنسان، فكلما تلاه التالي ازداد شوقاً وحباً لطاعة ربه الباري، والتقرب إليه، بما يحبه ويرضاه، فهو سبحانه الآمر والناهي، وتراه لا يود أن يخرج عن طاعة الله قيد أنملة؛ لأنّ مبتغاه الجنة.