الرمضانيّات: للصائم دعوة

لقد منَّ الله على عباده المؤمنين من هذه الأمة المباركة بمنن كثيرة، فكان منها ما هو عام لهم، ولمن سبقهم من الأمم،

وكان منها ما اختصهم به من خصائص، وفضائل، ومن هذه الخصائص العظيم: شهر رمضان المبارك؛ الذي جاء في فضله نصوص كثيرة من كتاب الله وسنة رسول الله ؛ ومن هذه الفضائل أن الله -سبحانه- جعل فيه للصائم دعوة مستجابة عند فطره وذلك في كل يوم من أيام صيامه فرضًا كان أو نفلًا.
فلنتأمّل – قوله – جل جلاله « وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ «البقرة:186، ولم يقل بعد قوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فقل لهم، أو فقل، بل حذف ذلك؛ مما يدل على سرعة إجابته لدعاء عبده المؤمن؛ بخلاف الآيات التي فيها سؤال للنبي  من الصحابة أو من غيرهم كسؤالهم عن الأهلة؛ فقد قال الله -تعالى-: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ «البقرة:189، فأتى بقل، وهكذا في كل آية فيها سؤال للنبي – صلى الله عليه وسلم – يأتي في الجواب: قُلْ، بخلاف آية الدعاء فهي الوحيدة في القرآن التي لم يأت فيها قُلْ وفي ذلك أسرار لعلنا قد ذكرنا بعضها -والله أعلم بمراده-، والمؤمن إذا دعا الله من قلب صادق، وتوفر في دعائه شروط إجابة الدعاء، وانتفت الموانع من ذلك؛ استجاب الله

الدعاء؛ لأن الله -سبحانه- قد وعد بأن يجيب الدعاء، ووعده صدق وحق لا مرية فيه» وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلًا «النساء:122 «، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا «النساء:87؛ يقول الله –سبحانه»: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «غافر:60 وهذا المؤمن الصادق في إيمانه، الخليفة الثاني عمر -رضي الله عنه- يقول: «إني لا أحمل هَمَّ الإجابة، ولكن أحملُ هَمَّ الدعاء، فإذا وُفِّقْتُ للدعاء جاءت الإجابة» اقتضاء الصراط المستقيم:2/ 706 ، وهي ثقة أكيدة، بأن الله سيجيب دعاء من دعاه، لكن الهمَّ الذي يحمله هو همُّ التوفيق للدعاء؛ فعلى المؤمن اللبيب أن يستغل ذلك الوقت الفاضل في الدعاء، ، فناج ربك، واسأل مولاك من بيده خزائن الأرض والسماوات، اسأل ربك وأنت في تلك الحال قد ضمرت أحشاؤك، وخوت أمعاؤك، وجفت شفتاك، وخشع قلبك، وانكسرت نفسك، فيجيبك ربك، ويعطيك سؤلك، ويحقق مرادك.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115