فَالله، تعالى، فَضَّل سيدنا مُحمدًا، صلى الله عليه وسلم، عَلَى جَميع العَالمين، إنْسِهم وجِنِّهم، وخُصوصًا الأنبياء والمرسلين، والملائكة عليهم السلام.
ولا خلاف في هذا التفضيل الرباني بينَ العلماء. على أنَّ خاصية التفضيل التي أكْرمَ الله به نَبيَّه، عليه الصلاة والسلام، لا يَعلم حَقيقتها إلاَّ اللهُ تعالى، ولم يطلع على كنهها سواه. يَقول، عليه الصلاة والسلام: «يا أبَا بَكْرٍ، والذي بَعَثَني بالحَقِّ، لَم يَعلمني حَقيقَةً غَيرُ ربي، فَاعرِفْ ذَلك.
ومن أجل هذه الأفضلية، سَألَ أولو العزم من الرسل، مثلَ سَيِّدنا إبراهيم وسيدنا موسى عليهما السلام، اللهَ سبحانَه وتعالى، أن يَجعلهم من أمته، يقول الله تعالى في الذكر الحكيم: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، (البقرة: 253)، صَدق الله العظيم.
وورد في السنة النَّص على أنه صلى الله عليه وسلم أفضل البشر وسيد ولد آدَمَ، رَوى مسلم (4223) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ”، وقد فهم العلماء من هذا النص وغيره من النصوص الواردة في فضائل نبينا صلى الله عليه وسلم أنه أفضل الخلق .قال الإمام النووي رحمه الله في «شرح صحيح مسلم»: وهذا الحديث دليل لتفضيله صلى الله عليه وسلم على الخلق كلهم ، لأن مذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة ، وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الآدميين وغيرهم» انتهى.
ولا خلافَ بين العلماء في أفضليَّة سيدنا محمد عَلى جَميع الخلائق. يقول الناظم:
وأفضل الخلق على الإطلاق *** نبينا فمل عن الشقاق
وقد فُضِّلَ، عليه الصَّلاة والسلام، في الدنيا بِحَمل كلامِ الله، وتبليغِ الناس عَنه مرادَه ومُقتَضاه، والدعوة إلى عِبادَتِه والغيبة في أنوار سَناهُ. وفُضِّل في الآخرة بعزِّ الشَّفاعة في نَهَارِ الحِساب، وحَمْل اللواء المحمود بَيْنَ يديْ عَظيمِ الجَنَاب، والفَوز من الجَنَّة بالرفيق الأعلى قربَ رَبِّ الأرْبابِ.