قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم (البقرة:152)، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (الأحزاب:41)، فشهر رمضان شهر الذكر، وأفضله القرآن الكريم كلام رب العالمين فهو أفضل الذكر، وكذلك الأذكار المطلقة من: التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والاستغفار، وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، والاهتمام والحرص على أذكار الصباح والمساء كما سبق في السبب الثاني. الرابع: «إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى، والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى»، وهل يجد المسلم المحِب دليلاً على ذلك مثل الصيام في أيام الهواجر في فصل الصيف والحر، شهرًا كاملاً ممتنعًا عن الطعام والشراب وسائر المفطرات والمباحات؟! وهل يجد مثل انصرافه عن النوم
لصلاة القيام أو التهجد في رمضان؟! وهل يجد مثل انصرافه عن النوم والنساء في أواخر العشر من رمضان؟! كل ذلك حبًا لله جل وعلا، وطاعة له، وطلبًا لرضاه وجنته ومحبته، فالصيام منعه من الطعام والشراب، والقرآن منعه من النوم بالليل، وورد الذكر منعه من الراحة بعد الفجر إلى الشروق. الخامس: «مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومباديها فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة... »، فإن العبد في رمضان يلازم قراءة القرآن الذي هو كلام الله فهو صفة من صفاته، ويجد من أثر هذه الصفة على قلبه ونفسه وحاله من اللذة والراحة والسكينة، ويشاهد هذه الآثار على عامة المسلمين في رمضان، وآثار أسمائه جل وعلا وصفاته عند تدبر آياته الشرعية
عند تلاوة القرآن، ومعرفة الله في كتابه وآياته في كتابه الكريم، ما يطالع بها القلب هذه الآثار في قلوب المسلمين في رمضان، حبًا له تعالى وشوقًا إليه في آيات رجائه، ومحبته لعباده المؤمنين. السادس: «مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته»، ويا لها من مشاهدة عندما يتفكر العبد في آياته جل وعلا في خلقه، ونعمة التي أسبغها على عباده المؤمنين، فانظر إلى رحمته بعباده في شرعه في أمره ونهيه، وإعانته لعباده على صيام رمضان وقيامه، وإحسانه بعباده بمزيد من فضله ولطفه بهم في أمره وشرعه، وتيسيره لعباده المؤمنين في كل أمر أمرهم يعينهم عليه، ويوفقهم ويسددهم في السير على طريقه المستقيم، ويسر لهم تلاوة كتابه الكريم، قال سبحانه: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ
مُدَّكِرٍ (القمر:17). فكم لله تعالى على عباده من النعم في رمضان ما لا يُحصى ولا يعد، من بركة الطعام والشراب والرزق، وقبول الدعاء، ومغفرة الذنوب، والعتق من النار، وفتح أبواب الجنة، وغلق أبواب النار، وتصفيد الشياطين، وغيرها من نعمه وبره وإحسانه عليهم في رمضان، وفرحتهم عند إفطارهم في كل يوم، وفي آخر الشهر شاكرين لربهم، حامدين له نعمه وبره وإحسانه عليهم.