والفَوز بحول الله بالجِنان. يَقول سيد الأنام، عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام: «أنا دَعْوَةُ أبي إبراهيمَ، وبِشارة عيسى»، وكَما هو معلوم فإنَّ سيدَ الوُجود، عليه الصلاة والسلام، يُبَشِّر الناسَ بالخَير والرحمة، ويهديهم سبلَ السلام.
وقد بَشَّرَ به الأنبياء والمرسلون الذين جاؤوا مِن قَبله وأخبروا أتباعَهم بقدومه وأمَروهم أن يُؤمنوا به. قال الحواريون لسيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام: يا روحَ الله هل بعدنا من أمَّة ؟ قال: أمة محمدٍ، حكماء وعُلمَاء أبرارٌ، أتقياء، كَأنهم من الفقه أنبياء، يَرضونَ من الله باليسير من الرُّسل، ويَرضى الله بِاليَسير من العَمل.
وقال تعالى على لسان سيدنا إبراهيم، عليه الصلاة والسلام،رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ - إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (البقرة: 129). رَوى ابن جَرير الطبري عن أبي العالية قال: لَمَّا قال ابراهيم رَبَّنا وابعث فيهم رسولاً قيل: قد أستجيب لكَ وهوَ كائنٌ آخرَ الزمن. ورُوي أن سيدنا رسُولَ الله، صلى الله عليه وسلم، رَأى ليلةَ المعراج جميع الأنبياء وسلموا عَليه. ولكنَّ سيدنا إبراهيم خص أمته بالسلام قائلاً: اقرأ أمتك منّي السلام. فأمَرَنَا أن نصلي عليه في آخر كل صلاة الى يوم القيامة، مُجازةً له على إحسانه
وهو صلى الله عليه وسلم البشرى العُظمى للصالحين بنيل القُرْب والوِصال، والتنعمِ بمناجاة ذي العزة والجلال، بَشَّرَهم حبيبهم بأنوار التوحيد، وأبْهَجهم بكرامات التفريد، في مقامات الأنْس والتَّمجيد. فلولاه ما كان من وصولٍ، ولا سارَت نَحو الحمى قوافلُ الشُّكر والتمجيد، ولا ابتهجت الأرواح بأسرار القرب والتَّسبيح والسجود، فَصلى الله وسلم عليه إلى يَوم الخلود.