بورتريه: منية حمدي.. الحرفة ثورة والحرفيات حارسات الهوية والذاكرة

مارسي كل تلوينات الفنون، ابدعي سيدتي فأنت الجميلة والحالمة ولصنعة «يديك» سحرها وبريقها فلا تهابي العتمة وأكتبي بيديك كل تفاصيل

الجمال وانحتيها كما تريد اناملك فأنت سيدة الفعل والفكر والحركة، احلمي فأنت امرأة وثوري فأنفاسك ثورة وأبدعي فأناملك خلقت لتبدع مارسي كل الفنون مارسي الحرفة بكل تنويعاتها اذ «يوفى مال الجدين، وتبقى صنعة اليدين» كما تقول الذاكرة الجماعية.
مارس شهر الصناعات التقليدية مارس شهر تحتفي فيه تونس بالحرفة، ، بصنعة الجدود وإبداع متجدّد لا يعرف النهاية فالحرفة فن دائم التجديد فنّ يتنفسه محبوه ويرونه عنوانا للهوية والذاكرة وضيفة «المغرب» حرفية عشقت الصناعات التقليدية تحديدا صناعة الحلي التقليدي وانخرطت في حملة للدفاع عن المنتج التونسي ، هي منية حمدي الحالمة باحياء الحلي التقليدي وتجديده والحفاظ عليه من الاندثار والفناء فهي تونسية ترى ان من واجبها حماية الذاكرة والحرفة جزء من الذاكرة.

الفن كلّ لا يتجزّأ كما حلم المرأة
انثــــى شـرسة ومشاكســة، عشــقت الحرفة منذ الطفولة، احبت المصوغ لأنه يغري كل النساء تقريبا كما انه عنوان للأنوثة ويزيد بهاء المرأة ويعطي «الروح للّباس»، عشقت عالم الاكسوارات والحرفة التقليدية وقررت تطوير موهبتها لتبدع وتتميز، الفنانة منية حمدي ابنة الحامة توجهت الى الحرفة «غرام» تجربتها انطلقت مع الرسم «كنت انجز رسومات وتابلوهات في مخبر العلوم الطبيعية، ثم ازداد الحب وكبر الهوى بالفن فبت انجز اعمالا من قطع القهوة و الاصداف» كما تقول محدثتنا وهي مرشد تطبيقي اوّل للتربية.
مبدعتنا تنتمي جغرافيا الى مدينة الحامّة، هناك تعلمت معنى المقاومة والمشاكسة، منية حمدي الفنانة متيمة بمدينتها وبانتمائها الجغرافي لمكان لا تفيه الكلمات الكثرة حقه، فهي تعشق الحامة» عشق فيه الم ومرارة واحيانا حزن كبير، الحامة التي اعطت ولازالت تعطي كثيرا من الشّهامة، الحامّة التي ظلمت كثيرا، الحامة التي عاشت ملاحم وطنية عديدة، الحامة هي الدغباجي ومحمد علي الحامي والزاهر الحداد والجلولي فارس الذي كتب دستور ما بعد الاستقلال، الحامّة مدينة الشهداء ومدينة قدمت الكثير للوطن وافتدت تونس بدماء ابنائها، الحامّة التواريخ المشرفة التي كتبت في تاريخ الوطن ولازالت تكتب بالدم» ومن رحم مدينة شرسة ولدت الفنانة المبدعة التي اختارت الدفاع عن ذاكرتها وهويتها من خلال احياء الحلي التقليدي والحفاظ عليه من غول العصرنة.

فنانة لا تعرف التهاون ولا كلمة «الاستسلام» غير واردة بمعجمها الابداعي لذلك قررت التطوير من مهارتها وموهبتها بالتكوين « فكرت قليلا قبل اتخاذ قرار تطوير موهبتي، حينها درست رسم على الحرير في مدينة المنستير، ثم درست modelag de pâte fimo اي الصلصال الحراري في مركز انيسة للتكوين في مدينة المروج ثم تكونت في صناعة الاكسسوارات التقليدية في مركز السيدة زينب الفخفاخ في مدينة المرسى بالعاصمة تحديدا تكوين في الخمسة والمحبوب والريحانة « لتؤكد منية حمدي أن ولعها بالاكسسوارات التقليدية والحلي التقليدي يزداد نموا كما الحب فالاكسوارات التقليدية والحلي التقليدي عندها جزء من ذاكرتها، جزء من هويتها الحامية تريد تقديمه الى الاخر وكلما تعلّمت حرفة ما إلا وزادت طلب مزيد من العلم.
فالحرفة فن هي عملية خلق لقطعة حلي من اللاشيء، عملية بناء لاكسسوارات ومصوغ تنطلق من الفكرة ثم تقوم باثرائها وتجمع في اعمالها بين التقليدي والعصري «أشعر بالفخر والسعادة كلما شاهدت فتاة أو شابة تلبس لباسا عصريا وتتحلى بالخمسة او الخلالة أو المقياس مشهد يشعرني أن الحي التقليدي ثورة، كلما شاهدت هذا المشهد انتابتني نوبة من السعادة والفخر انني تونسية وذاك حليّنا وتلك هويتنا» كما تقول عاشقة المصوغ التقليدي مضيفة كلما صنعت مصوغا تقليديا «نحس ثمة حرية، ثمة ثورة، ثمّة مرا تقول انا والأنا مطلوب احيانا».

الى المرأة الحرفية أحلمي لأنك مبدعة
الحرفة فنّ، الصناعات التقليدية جزء من الذاكرة هي عنوان للهوية ورمز لتاريخية هذا الوطن وعنوان لتلاقح الحضارات التي مرت من الهنا، مبدعتنا تونسية عاشقة للصناعات التقليدية، مدافعة شرسة عن الحرفة اليدوية، محبة للمصوغ والحلي التقليدي تحاول التجديد دوما حتى لا يفني الحلي التقليدي، كلما صنعت اكسسوارا إلا وكان حجر الاساس فيه الذاكرة، الخلخال والخمسة والريحانة و الفولارة والحرام من مقومات انطلاق العمل ومن مميزات الجمال والإبداع.

ليديها أثناء العمل حركتهما الخاصة فهما تنبضان كما القلب تماما وكلما أنهت قطعة إلاّ وابتسمت كتعبير عن انتصار حقيقي على الموت والفناء، منية حمدي اصبحت من رموز صناعات الحلي التقليدي في جهة قابس كلّما صنعت قطعة ابدعت في نحت تعاليم الجمال فيها باختيار الوان مميزة وابتكارات جديدة تكشف رغبتها في التجديد، العاشقة للصناعات التقليدية تقول لنظيراتها الحرفيات « اعطي قيمة لخدمتك، احترميها وتعاملي معها كإبداع وليس مجرّد جماد حينها ستنجحين في مسيرتك كحرفية، ابدعي لأنك تحافظين على الذاكرة من الفناء فأنت كما الحارس تحرسين جانبا من هويتنا وتراثنا حتى لا يندثر فكوني فخورة بذلك»، هكذا تقول للجميلات محبّات الحرفة اليدوية بلسان درويش:
جميلات هُنَّ الجميلاتُ
[نَقْشُ الكمنجات في الخاصرةْ]
الجميلات هُنَّ الضعيفاتُ
[عرشٌ طفيفٌ بلا ذاكرةْ]
الجميلات هُنَّ القويّاتُ
[يأسٌ يضيء ولا يحترقْ]

هي امرأة بحجم الوطن ولان تونس ولّادة تقول محدثتنا عن المرأة الحامية انها الواعية بجذورها والمعتزة بانتمائها وتاريخها ولها القدرة على تقديم الافضل لمدينتها وللمرأة دور فعال في المشهد الحرفي «الصناعات اليدوية هي صنعة الجدود، وكل عائلة ترث حرفة ما على غرار الطريزة والخياطة والسعف والنسيج والمصوغ، حرف ورثناها وهاهي تعود الى الحياة مع احداث القوانين المتاحة لبعث المشاريع الصغرى في مجال الصناعات التقليدية وهي فرصة كبيرة لمساهمة المرأة الحرفية في المشهد الثقافي والاقتصادي» كما تقول منية حمدي لتضيف «لا تخافوا مارسوا الحرفة واحلموا واسعوا لتحقيق كل احلامكم فانتم تحرسون الذاكرة و الهوية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115