أو ثقافي؟هل تدخل اللغة في الاستراتيجيّات الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافية؟ هي بعض من الأسئلة التي تطرحها ندوة «صراع الألسن، صراع الحضارات» احتفالا باليوم العالمي للغة العربية والتي تنظمها الجمعية التونسية للتربية والثقافة التي يرأسها رضا كشتبان بالتعاون مع معهد تونس للترجمة.
وفي هذا السياق تحتضن قاعة النّدوات بمعهد تونس للترجمة بمدينة الثّقافة اليوم الثلاثاء 18 ديسمبر الجاري فعاليات هذه الندوة وفقراتها احتفاء بلغة الضاد بمشاركة عديد الجامعيين والحقوقيين والإعلاميين وأهل التّربية والبيداغُوجيا...
وقد ورد في الورقة العلمية لندوة «صراع الألسن، صراع الحضارات» ما يلي: «عرفت الإنسانيّة في مختلف مراحلها التاريخيّة نزاعات حضاريّة شتّى، تراوحت شدّة وعنفا حسب العصور والأطراف المتنازعة. ولم نعرف طوال الألفيّات الأخيرة أيّ نزاع وأيّ تنافس دون لسان غالب أو سائد ودون لسان مغلوب أو منهوك. وليست العصور الحديثة بخارجة عن هذا القانون. فالألسنة العالميّة السائدة اليوم هي الألسنة الوارثة لامبراطوريّات كبيرة أو حضارات قويّة أو المتمتّعة بالقوّة الاقتصاديّة أو العسكريّة أو الثقافيّة. فلا غرو أن تكون الألسنة السائدة كمّا وكيفا هي الأنكليزيّة والصينيّة والإسبانيّة والفرنسيّة والروسيّة والعربيّة.
لكنّ هذه الألسن الكبرى لا تتمتّع بنفس الحظوظ الاقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة. وما نلاحظه في بلادنا أنّنا في خضمّ مشاكلنا الاقتصاديّة والسياسيّة نبحث عن حلول سريعة وناجعة، دون وعي كاف في الكثير من الأحيان بأنّ هذه الحلول حلول تمليها أطراف غير غريبة عن أزماتنا الاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة، وأنّها حلول متى استسلمنا تماما لها فإنّها لا تؤدّي بنا إلا إلى التبعيّة الكاملة. ولعلّ أخطر ما نواجهه في هذا الشأن أنّ وعي المثقّفين والطبقة السياسيّة الاقتصاديّة بأهمّيّة اللغة الوطنيّة يكاد يكون منعدما إن لم يتّصف في الكثير من الأحيان بالمعاداة. وذلك يرجع أساسا إلى ضعف ثقافتهم التاريخيّة، وغلبة المعتقدات السلفيّة والتحديثيّة عليها. فكما ينطوي السلفيّون على مفهوم فاسد للهويّة، يتبنّى الكثير من الحداثيّين الاستراتيجيّات اللغويّة والثقافيّة التي يسطّرها الاستعمار الجديد القائم على مفهوم العولمة والتكنولوجيا ومجتمع المعلومات، دون وعي كامل بأنّ الغلبة الاقتصاديّة تؤدّي حتما إلى غلبة لغويّة، وأنّ العكس صحيح أيضا».