الرسمية للدورة 20 لأيام قرطاج المسرحية. وهو عمل من إنتاج فرقة مسرح الغد، ويجمع بين الدراما والواقع، بين تفاصيل تاريخية حقيقية وأحداث خيالية من وحي المؤلف عيسى جمال الدين الذي فاز بجائزة ساويرس الثقافية لسنة 2017 عن أفضل نص مسرحي. وقد لعب أدوار البطولة في هذا العمل كل من شريف صبحي وسامية عاطف ومعتز الصويفي ومحمود الزيات ومحمد دياب ونائل علي، بمشاركة محمد حسيب ونورهان أبو سريع.
«الساعة الأخيرة» عمل مسرحي يكشف أهوال الحرب انطلاقا من الهجوم الذري على هيروشيما، ويعيد إلى الواجهة دور الولايات المتحدة في ما يحصل في العالم.
أسال ضرب مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بالقنبلة الذرية سنة 1945 ، بأمر من الإدارة الأمريكية وبالاتفاق مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وما خلفه ذلك من آلاف الضحايا الأبرياء، الكثير من الحبر. وقد مثل هذان الحدثان على مرّ التاريخ موضوعا لعدة أعمال فنية سينمائية وتشكيلية وغيرها، قدمت مقاربات مختلفة لحيثيات ما جرى، لكن قلة من المبدعين فكروا في أن يقدموا للجمهور قراءة تخييلية لنفسية قائد الطائرة «ب 19» الذي قام بأول هجوم ذري وتسبب في حصد آلاف الأرواح.
المخرج المصري ناصر عبد المنعم والكاتب عيسى جمال الدين اختارا تسليط الضوء على «الساعة الأخيرة» من عمر الكولونيل «توماس ويلسون» الطيار الأمريكي الذي قاد هذا الهجوم، وحاولا تشريح نفسيته من خلال حوار تخييلي للتعرف على ما جال بخاطره (أثناء الهجوم وبعده) وعلىالمشاعر المتناقضة التي كانت تمزقه ألما وندما وحسرة على ما اقترفه من جرم، يوم عيد ميلاده، قبل أن يفارق العالم بساعة واحدة، نظرا لما تسبب فيه من دمار لآلاف العائلات.
وبقطع النظر عن القراءات التاريخية والسياسية لما حصل يوم 6 أوت 1945 (تاريخ الهجوم على مدينة هيروشيما اليابانية)، فقد تضمن هذا العمل المسرحي قراءة ذات طابع إنساني، أوضحت كيف أن الطيار الأمريكى أحسّ بتأنيب الضمير بعد أن شاهد هول ما حصل، لأنه كان يجهل خطورة القنبلة الذرية وما قد تتسبب به من أهوال وكوارث، ومن ثمة يظهر في المسرحية الصراع داخل هذه الشخصية.
بين الجانب الخيّر والشرير وصار البطل يعيش انفصاما في الشخصية فيبدو تارة متعاطفا مع الضحايا ونادما على «ما ارتكبه» من جرم في حق أبرياء، وطورا فخورا بما «أنجزه»، مؤمنا بأن ما قام به ليس سوى التزام بالقيام بالواجب، و»بطولة» جعلت من الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى.
واستعاد بطل المسرحية (توماس) ماضيه البعيد والقريب، من طفولته غير السعيدة المتسمة بمشاعر متناقضة خاصة مع فقدانه لوالدته، وما انجر عن ذلك من أزمات نفسية جعلته يُقدم على وضع السّم لوالده وقتله (وهو طفل لم يتجاوز السادسة من عمره) مرورا بفترة دراسته ونبوغه اللافت (إلى درجة أن زملاءه لقبوه بالكولونيل) وصولا إلى تحوله الى «وحش» قتل سكان مدينة بأكملها بإلقائه عليها قنبلة يفوق وزنها 3 أطنان، وتسمى «ليتل بوي» وقد تم تصميمها في إطار ما سمي آنذاك «مشروع مانهاتن».
يعيش بطل المسرحية صراعا نفسيا قاتلا، ويتساءل «من أين لي أن أعرف حجم الدمار الذي ستخلفه هذه القنبلة؟» ويزداد ندمه بهجران زوجته له، وبرفض جيرانه مواصلة مشاهدة تمثاله النصفي في الحي، الذي يذكرهم بأبشع جريمة في التاريخ، والذي تم إنجازه له اعترافا من الدولة بعمله البطولي، فوضعه قبالته في قاعة الجلوس ببيته وظل يحاوره على امتداد «الساعة الاخيرة» من حياته.