في العاصمة تونس ، يعد اضافة حقيقية من ثمار المشهد السينمائي العالمي الذي صمم ونفذ بأذكى مفردات التدبير والتنسيق والتنظيم ، اذ هيأت تونس ذاتها الى اروقة سينمائية ببساطها الأحمر اكتظت بجمهور يعشق السينما بلا حدود .
كان افتتاح المهرجان أنيقا غير مبهرج واعتاد على ان تكون طقوسه ذات اصاله ومعنى يحمل ثقافات الشعوب المختلفة، وكذا الاختتام الانيق ، الذي طال بعض الشيء بخطابات كان بإمكان اختصارها والتركيز على طقوس العرض وإعلان الجوائز وتقنيات الصورة .
واجمالا شكل مهرجان قرطاج علامة عربية دولية مضيئة بإنتاج كرنفال دولي من المعرفة والمحبة والصداقة وتبادل المعلومات والخبرات وتعارف الاشخاص والمؤسسات لتفعيل النشاط السينمائي إنتاجا وعرضا نحو الارقى وبما يظهر حريات التعبير المرئي لعالم السينما والسعي للتحرر في العالم العربي وافريقيا امام أنظار العالم الغربي ، ويمكن الاشارة الى بعض العلامات الهامة في المهرجان منها:
• أوّلا:
حضور الوفد العراقي بثقل كبير، اثبت تفاعلا حيويا وأثار اهتمام الاشقاء والاصدقاء ، اذ تضمن الوفد العراقي كوادر من وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح اضافة الى شخصيات سينمائيةعراقية اخرى من داخل البلاد وخارجها من الفنانين المغتربين ، وكذلك فرقتي الخشابة والأزياء ويمكن تثبيت صورة الجمال التي رسمتها فرقة الخشابة البصرية وفرقة دار الأزياء العراقية من عروض على أنغام الموسيقى العراقية والايقاعات الفولكلورية المعروفة وسط شارع بور قيبة الجميل ادهشت الجمهور التونسي وضيوف المهرجان وبشكل مثير حقا يستحق التقدير والاعجاب ، وكذلك عرضت افلام عراقية روائية طويلة وقصيرة ، قديمة وحديثة نالت اعجاب الجمهور العربي والأجنبي، ورغم حضور العدد الكريم من أعضاء الوفد العراقي ودوره الفاعل والجاد ، ولكن كنّا نتمنى حضورا إضافيا لبعض الفنانين والكتاب من نساء ورجال السينما من بغداد والمحافظات والاخوة الأكراد ممن لهم منجز حيوي وتواصل فعال لتعزيز صورة الحضور نحو الارقى والأكثر مشاركة . وكان تكريم العراق في مهرجان قرطاج ممثلا عن العرب والمشاركة في عروض افلامه له أهمية خاصة.
• ثانيا:
اطلعنا من خلال المهرجان ان شعب تونس هو جمهور سينمائي بامتياز ، حيث احتشدت صالات العروض المنتشرة في العاصمة وبدون أدنى مقعد فارغ والى ساعات متاخرة من الليل وباحترام عال لتقاليد العرض والتصفيق المتواصل للفيلم الذي ينال الاعجاب.
• ثالثا:
تواجد الكثير من النقاد العرب منهم ابراهيم العريس من لبنان ومحمد رضا من لبنان وخليل الدامون من المغرب ود عبد الحق من المغرب وسامح فتحي من مصر وكاظم مرشد السلوم ومهدي عباس من العراق الذين حرصوا على مشاهدة أغلب الافلام وكتبوا الانطباعات الأولية عنها على امل الكتابة التحليلية النقدية في وقت لاحق.
• رابعا:
شكّل العرب والافارقة ثقلا كبيرا في الحضور نسبة الى الأوربيين .
• خامسا:
كانت الدهشة عالية جدا ببروز مدينة الثقافة في تونس كصرح حضاري قل نظيره في ميادين الثقافة والفنون في المنطقة بصالاته الست وصالة الأوبرا الواسعة وأروقة ومداخل الجمال التي صممت وفق المنظور الرفيع المستوى عصريا وحضاريا وتقنيا اذ استمتع ضيوف قرطاج ببهاء مدينة الثقافة ودورها الكبير في احتضان فعاليات المهرجان وبكادر منظم وبمنتهى اللياقة.
• سادسا:
كان المهرجان فرصة حيوية لتبادل الاّراء والأفكار والمشاريع السينمائية من خلال سلسلة اللقاءات والمشاورات التي جرت بين المخرجين والكتاب والنقاد والمنتجين ورؤساء المهرجانات وبما يديم سمة التعاون في الاعمال المشتركة وتبادل الخبرات . وكذلك تبادل الكتب والمؤلفات السينمائية.
• سابعا:
تميزت عروض افلام قرطاج بإضافات مثيرة في الشكل الفيلمي وبنية عناصره الفنيةاضافة الى الافكار والمواضيع التي تناولتها، فقد ذهبت الى عوالم مختلفة منها ما هو بعيد إلى حد ما ومنها ما هو متناقض او ما هو قريب في قصص تواجدت في الحياة الاسرية وأحيانا في الهجرة والحرب والحدود وأحيانا في الذات والاحلام والخيالات والمعاناة او الحب والجمال وقد صفق الجمهور لكثير من الافلام منها: «مسافرو الحرب» لجود سعيد - سوريا و«يوم الدين» لابي بكر شوقي - مصر وفيلم «مفك» لبسام جرباوي - فلسطين و«لقاء ابي» للحسن دياغو - السنيغال و«بلا وطن» لنرجس النجار - المغرب وفيلم «فتوى» لمحمود بن محمود - تونس ومن العراق «الضامئون» لمحمد شكري جميل و«الحارس» لخليل شوقي و«بابل حبيبتي» لفيصل الياسري و«صمت الراعي» لرعد مشتت و«الرحلة» لمحمد الدراجي و«يارا والعراق سنة صفر» لعباس فاضل و«قبل سقوط الثلج» لهشام زمان و«حياة ما بعد السقوط» لقاسم عبد و«عيد ميلاد سعيد» لمهند حيال، وكذلك اهتم الجمهوربعرض فيلم «أرض الأبطال» لسهيم خليفة و«مملكة النفايات» لياسر كريم و«الساعة الخامسة» لأيمن الشطري و«هدية ابي» لسلام سلمان و«قطن» للؤي فاضل عباس و«من الظلام الى الظلام» لاوميد خالد و«ليلة طويلة» لكاميران بيتاسي و«سينما 100+» لجمال العبيدي و«الناجون من ساحة الفردوس» لعادل خالد وبكل اعجاب وثناء.
• ثامنا:
وَمِمَّا يمكن ان يقال حقا ، ومن باب الانصاف أودّ الاشارة الى الروح النبيلة الفذة التي يتمتع بها الفنان نجيب عياد رئيس المهرجان والمستشار توفيق جابر مدير العلاقات والفنان المنسق رضوان عيادي لتسجيلهم النموذج الامثل في التعامل مع الوفد العراقي بأعلى مستويات الحفاوة والاهتمام والاحترام واللياقة.مما ترك الأثر الطيب والراقي لدى النفوس ، سلاما كبيرا لكل من سعى لنجاح المهرجان، والف الف مرحى لقرطاج قادم بثوب سينمائي جديد.