الشاعرة أسماء الشرقي لـ«المغرب»: على المثقف التونسي الكف عن تكريس مبدأ الإقصاء والتفرقة والأفضلية

هي شاعرة متميزة بجودة نصوصها وتنوع نشاطها الأدبي والإعلامي والجمعياتي وهي تترأس فرع اتحاد الكتاب

التونسيين في المهدية وهي عضو مؤسس في جمعية الكاتبات المغاربيات ، وفي رصيدها مجموعتان شعريتان والمجموعة الثالثة ستصدر قريبا ...هذه الشاعرة هي أسماء الشرقي التي إلتقيناها مؤخرا وأجرينا معها الجوار التالي:

• بداية كيف تعرف أسماء الشرقي بنفسها للقارئ؟
أسماء الشرقي أصيلة مدينة حفوز من ولاية القيروان وأقيم حاليا في مدينة المهدية خريجة كلية الآداب والعلوم الانسانية، متصرف مستشار في أجهزة وزارة الشؤون المحلية ، شاعرة وفنانة تشكيلية، رئيس الفرع الجهوي لاتحاد الكتاب التونسيين في المهدية.
نشأت في عائلة صغرى تحترم المعرفة وعائلة كبرى تجل الأرض وتعشقها . وفي هذا الفضاء تشكلت شخصيتي الشعرية بحبي للمطالعة وانكبابي على كل ما له صلة بالمعارف . أصدرت مجموعتين شعريتين بعنوان « ذاكرة اللغات « وأبواب مفخخة « وأنا بصدد التوظيف النهائي لمجموعتي الثالثة التي ستصدر قريبا إن شاء الله. تجاربي متعددة في مجال الفنون التشكيلية والنقد الأدبي والإعداد و التقديم الإذاعي من خلال إنتاج وتقديم برامج إذاعية فكرية وتاريخية في إذاعات تونس الوطنية.

• كيف جئت إلى عالم الشعر ؟
عادة ما لا نجد إجابة عن هذا السؤال ، كون الشعر فضاء منفتح لا تحكمه حدود أو أبواب ، فهو كون رحب يعيشنا قبل أن نعيشه ويتشكل في دواخلنا كما البذرة في أديم الأرض.
الشعر عشق وتماه وهو في النهاية خيار ممتع ومرهق ، فهو نزيف نختار انهماره ونصبر على حفره المتواصل في أرواحنا ، دون تحديد فارق لساعة خلقه أو تمظهره .

• أنت فنانة تشكيلية فماذا يمكن أن نعرف عنك في هذا الجانب ؟
حكايتي مع الريشة بدأت رهانا عقدته مع نفسي كي اثبت للقصيدة أنها ليست الوحيدة التي تستطيع أن تطأ أعماقي وان اللون كفيل بأن يعري هوامات ذاتي كامرأة وكإنسانة ، وأظن أني نجحت في تحقيق هذا الرهان ، حيث شاركت في العديد من معارض الفنون التشكيلية في تونس وخارجها ولاقت رسومي في مجال الفن الانطباعي أو العبثي ( abstrait ) استحسان فنانين تشكيليين أكادميين والحال أني عصامية التكوين وهذا في حد ذاته تحد محمود بالنسبة إليّ .
فضلا عن أنني استطعت أن أجمع بين لغة الريشة وشفرة اللغة في قصائدي كما كان في ديواني «أبواب مفخخة».

• أنت تكتبين أيضا الدراسة النقدية والمقال الأدبي فهل من لمحة عن هذا المجال الذي تخوضينه بالتوازي مع الشعر والرسم ؟
بحكم تكويني الأكاديمي في مجال اللغة والحضارة العربية تمكنت من الغوص في بعض الأعمال الادبية القصصية والروائية منها خاصة ،فحاولت ان اسلط الضوء على بعض التجارب الأدبية في تونس وخارجها وأعددت في شأنها دراسات نقدية على سبيل الذكر لا الحصر : رواية في المعتقل للكاتب التونسي محمد عيسى المؤدب – رواية طمارة كما شاءت للروائي الإعلامي مراد البجاوي – المجموعة القصصية قطع غيار للكاتب ساسي حمام وغيرها من التجارب الأخرى ،إلى جانب العديد من الحوارات مع فنانين وكتاب عرب ، وقد كان لي الحظ في نشر هذه المقالات في مجلة الإذاعة التونسية وفي جرائد عربية وعالمية ، وقد تم تخصيص صفحة ورقية لمقالات تونسية في جريدة الاثنين المصريين الموازية نشرا لجريدة الأهرام المصرية .
واعتبر شخصيا أن هذه التجربة في حد ذاتها تعد مرحلة من مراحل تحدي الذات القادرة على النحت والحفر بعيدا .

• أصدرت الى حد الآن مجموعتين وماذا عن شعرك المخطوط في الدفاتر ؟ثم ماذا تعالج أسماء الشرقي من قضايا في شعرها؟
كما عرف عني في الوسط الثقافي إني أتمهل دائما في النشر وإذا كان البعض يعتبر ذلك كسلا أو هنة تحول دون زخم النشر ، إلا أني اعتبر التمعن في النصوص والتريث في النشر ضرورة تمنح الكاتب قدرة على ترسيخ خطواته بأقل قدر ممكن من الهزات والانتقادات بالإضافة إلى مزيد التشبع من التجربة الفكرية والثقافية الراهنة .
لي مخطوط جاهز سيتم دفعه إلى النشر قريبا بإذن الله وأتمنى أن يحظى بنفس النجاح الذي عرفته المجموعتان السابقتان .
أما عن فحوى الكتابة والقضايا المتناولة لدي فهي رهينة الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي أعيشها كمواطنة تونسية ، وهي أيضا إرهاصات ذاتية تلخص كينونتي كامرأة وكإنسانة في المطلق.
وأنا أدعو من ثمة كل محبي الشعر بمختلف أجناسه والأكاديميين في جامعاتنا التونسية أن يلتفتوا إلى فئة الشعراء الذين يكتبون بإطلالة جديدة وبنفس مختلف وان لا تكون دراساتهم الجامعية حكرا على القديم الجامد من التجارب الأدبية عامة أو أن يعتمد على المحاباة في الاختيار دون موضوعية .

• كيف تبدو لك الساحة الشعرية والأدبية عامة بعد الثورة ؟
إجابتي عن هذا السؤال يخنزله هذا التحديد الزمني للمشهد الثقافي ، فتونس الثقافة بعد «الانتفاضة» باتت ساحة اقتتال بين جيل مثقف قديم يرى أنّه نبراس المعرفة وقاعدة الفكر التي لا تقبل التطوير أو التغيير، وبين جيل آخر متطلع جديد ينحت كيانه الأدبي بشتى الطرق ومختلف المشارب مما زاد هذا الصراع حدة واحتداما.
ظهور لوبيات تجلت في صورة جمعيات وهيئات «ثقافية» ما فتئت تستغل هذا التصادم الذي هو في الحقيقة خيط وهم لا ضرورة لوجوده أصلا ، بما أن منطق الوجود يقر بأنه لا وجود لحاضر بدون ماض ولا مستقبل بدون حاضر فالمعرفة في شتى مجالاتها لا تقوم إلا على قواعد
ومدارس فكرية منها نتعلم وعلى أساسها نشيّد ..وليت المثقف التونسي يعي جيدا هذه الحقيقة حتى يكف عن تكريس مبدأ الإقصاء والتفرقة والأفضلية الواهية بين شاعر وأخر وكاتب وكاتب أخر فالسّاحة الثقافية تسع الجميع وعلينا أن نتعلّم كيف نحترم تجربة الآخر بقطع النظر عن الهنات والعثرات . 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115