وأكاديميون من تونس وموريتانيا وليبيا وفرنسا وانقلترا موضوع «السياسات التراثية في البلدان المغاربية».
وخلال اليوم الختامي حاضر الباحث بالمعهد الوطني للتراث عدنان الوحيشي وقال أن البلاد التونسية تضم منظومة متميزة من المدن التاريخية وقد تعددت الدراسات المختصة في شانها وهناك شبه اجماع من قبل الفاعلين في المجال التراثي والسياسيين على ضرورة الإسراع بتقديم حلول لصيانتها والمحافظة عليها من جهة وبجعلها محركا تنمويا من جهة أخرى.
وأضاف أن تشخيص الوضع الحالي لمدننا محير إلى حد كبير وبين وجود بون شاسع بين النوايا الحسنة الرسمية وشبه الرسمية (المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية و المستثمرين من مختلف الأصناف) وبين الواقع و حجم البرامج و المشاريع المنجزة والمعلنة. وأكد على ضرورة تحديد الإمكانيات المالية والبشرية و المؤسساتية المتاحة من جديد بما يساعد على المرور في فترة وجيزة إلى تنفيذ مجموعة من التدخلات العملية الناجعة لحماية المدن التاريخية التونسية وتثمينها.
الباحث انيس الحجلاوي تحدث بدوره عن «التراث المادي بجهة سيدي بوزيد بين الصون والانتهاك» فبين ان الحضارات المتعاقبة علي جهة سيدي بوزيد خلفت تراثا هاما و متنوعا، إذ نجد في الجهة ما يزيد عن 1500 موقع اثري تهم فترتي ما قبل التاريخ والتاريخ، كما تتسم معالم هذه المواقع بالتنوع فمنها ما يهم الحياة الاقتصادية كمعاصر الزيتون والادوات الفلاحية او الحرفية وصناعة الخزف او الدينية كالمعابد و الكنائس اوالحياة اليومية كالحمامات و المنازل الخاصة .
وأشار الى اهمية تنسيق الجهود وتوفير الامكانيات المادية والبشرية ودعم تدخلات المعهد الوطني للتراث بالجهة لإنقاذ المعالم التراثية المختلفة من المخاطر التي تهددها...
الباحث عماد صولة من تونس بين ان التراث الثقافي اللامادّي هو بالأساس مقاربة جديدة تنهض على مفهوم خاصّ للتّراث بتحويل مركز الاهتمام فيه من الموضوعات إلى مجال الذوات الاجتماعية المنتجة له، أي جملة الفاعلين فيه بمختلف صفاتهم، حيث يتمّ التشديد على الدّيناميات المتعلّقة باستخدامه في الحاضر دون كثير اكتراث بالأصول التّاريخيّة التي صدر عنها، ذلك أنّ التراث اللاّمادي كثيرا ما يعرّف بأنّه ذلك التّراث الحيّ.
وقال: «لئن كان حملة التراث اللاّمادّي من الأفراد والجماعات هي الضّامنة لاستدامته، فإنّ ذلك لا يتحقّق دون انخراط فاعلين آخرين تأتي على رأسهم الدّولة عبر مؤسّساتها الرسميّة، غير أنّ تعدّد الفاعلين في مجال التراث، وإن كان طبيعيّا وضروريّا، يطرح تحدّيات جمّة على صعيد عمليّة الصيانة نظرا لاختلاف المنطلقات والرهانات على النحو الذي يكشف عنه سياق المجتمع التونسي.
وخلص الى التاكيد على ضرورة وضع خارطة طريق لصون التراث اللامادّي استنادا إلى اتّفاقية اليونسكو 2003 في هذا المجال.
الاستاذة برندات دوفران من جامعة باريس 8 تحدثت عن «متاحف البلدان المغاربية والرقمنة وخلصت الى ان ما تقدمه هذه المواقع لا يعكس حقيقة ثراء التراث التاريخي والأثري للبلدان المغاربية ولا يتناسب مع مكانتها كوجهات سياحية مميزة في العالم.
غياب سياسة حوكمة وغياب حسن التصرف في قطاع التراث
بيّن الباحث عثمان البرهومي ان مدن الحوض المنجمي) أم العرائس والمتلوي والرديف والمظيلة ) تضم ارثا تراثيا مهما يعود الى الحقبة الاستعمارية (دور سينما، مغازات تجارية، احياء سكنية، محطات نقل حديدي، منشآت خدمات عامة) لكن غياب الاهتمام به أدى الى تخريبه وتلاشيه.
وبين ان اواسط الثمانينات من القرن الماضي شهدت العديد من التحولات الأساسية منها تنامي عدد المغادرين لهذه المدن. وغياب الوعي بأهميتها التاريخية والحضارية ذلك أن البعض يراها من مخلفات الاستعمار وبالتالي لا يجب العناية بها.
وكشف أنه تجب المراهنة على الحفاظ على هذا الإرث وليس الخوف منه حيث يمكن توظيفه كركيزة حضارية أساسية لمدن مختلفة في الفضاء الجغرافي التي تنتمي اليه.
وشدد المشاركون فى هذه الندوة التى نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مخبر اشتغال الأرض، التعمير وأنماط العيش في المغرب العربي في العصور القديمة والوسيطة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة، على ضرورة تفعيل الاهتمام بالتراث المادي واللامادي في البلدان المغاربية وخاصة تونس ووضع إستراتيجية واضحة في الغرض تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذا الارث الثقافي والحضاري وأحكام تثمينه اقتصاديا واجتماعيا حتى يكون رافدا حقيقيا للتنمية في الجهات التي تتركز فيها المعالم التاريخية والتراثية.
كما اشاروا إلى أن غياب سياسة الحوكمة وحسن التصرف في قطاع التراث أسهم في مزيد تهميشه واحتداد المخاطر التي تهدده داعين سلطات الإشراف في البلدان المغاربية الى اقرار برامج عملية للمحافظة على التراث الوطني والمغاربي بمختلف مكوناته المادية واللامادية وتحيين القوانين والتشريعات المنظمة لهذا القطاع.