أيام قرطاج لفن العرائس: محركي العرائس.. ممثلين مبدعين وصادقين

ساحرة تلك الطاقة المتبادلة بين العرائسي ودميته، مبهرة هي شحنة الحب المتبادلة بينهما،

جميل هو التماهي و التطابق بين احساس الممثل وكلام الدمية الناطقة بلسان صاحبها، غريب هو التماهي بينهما إلى حدّ اقناع المتفرج ان الدمية تتحدث تفرح وتغضب تبكي وترقص وتعبّر عن مشاعر انسانية مختلفة تسكن صاحبها.

فمحركو العروسة ينقلون مشاعرهم الى الدمية لتنطق بأحاسيسهم وتشعر المتفرج انها حية وناطقة ومشحونة بالحياة، يعاملون الدمية تلك القطنية او عروسة الخيط او الكبيرة بلين يشحنونها حبا ويشحذونها عزما لتتكلم وتحدث الطفل و الكهل عن حكايات توعوية ونقدية وتوجيهية، العرائسي جزء اساسي من المسرحية العرائسية فتحريك الدمية ليس مجرد حركات تقنية وإنما عملية ابداعية تتطلب الكثير من التركيز والحب لتتماهى الدمية مع محركها ومن يتابع تظاهرة ايام قرطاج لفن العرائس يكتشف تميّز عرائسيين من تونس وإبداعهم على الركح .

عياد معاقل: العروسة جزء من روحه
تونسي الروح والهوى و العمل، مبدع وحالم، نقطة فارقة في مسرح العرائس في تونس، له مع العروسة علاقة جد خاصة، يراقصها يلاعبها كما يلاعب طفلته الصغيرة، الفنان عياد معاقل مؤسس فرقة المسرح الحديث للعرائس من اللبنات الاساسية في ايام قرطاج لفن العرائس، في معرض العرائس المعروضة ببهو القاعات و ساحة المسارح يشارك الفنان بمجموعة من ابداعاته، شخصيات اختلفت من الحيواني إلى الطبيعة، عرائس الخيط والقطن، اشكال وأحجام مختلفة اختلاف افكار المجنون والعاشق للعرائس عياد معاقل الذي يبهر الجمهور يوميا بعرض صغير يكون فاتحة كل العروض التي تشهدها قاعات مدينة الثقافة.
عن تجربته يقول عياد معاقل «كنت اصنع لعبتي بنفسي بسبب غلاء اللعب في طفولتي، من صنع اللعب عشقت تلك المهنة وأحببت احترافها وامتهانها» فنان بعد انهاء دراسته الجامعية قرر السفر فقط للاطلاع اكثر على فن العرائس ومعانقة ابجديات الابداع في الدول الاروبية، تشبّع بالعروسة ليعود بعدها ويحترف صنع العرائس.
العروسة عند عياد معاقل جزء من الروح، جزء منه ومن احساسه فتلك الخشبة او القماش هي «كائن حي» كما يقول عنها معاقل وتحريك العروسة يتطلب الكثير من الحب لانها جزء من الروح والعروسة من خلق العرائسي ومتى احبها تتميز هي وتقدم وتبهر الجمهور وفي ايام قرطاج لفن العرائس كلما أمسكت انامل معاقل العروسة الا وابهر الجمهور من مختلف الاعمار فمعاقل المبدع يبدو دوما مثل طفل لا يكبر كلما صنع لعبة الا وطلب المزيد.

عبد السلام جمل: شكرا لأنك صادق ومبدع
عبد السلام الجمل فنان مسرحي خريج المعهد العالي للفن المسرحي، عبد السلام الجمل اسم لا يخفى على متابعي المسرح، من مركز الفنون الركحية والدرامية بالكاف الى المركز الوطني لفن العرائس بتونس، عبد السلام الجمل اسم يعرفه جيدا كلّ المسرحيين فهو «المنقذ» دائما كما يسميه اترابه، عبد السلام الجمل ممثّل بالأساس ولكن في كل الاعمال المسرحية التي شارك فيها يتولى عبد السلام الجمل الى جانب دوره كممثل، البحث في الشخصيات ويفكر في «الكوستيم» يقوم بحياكته، ثم يتولى مهمة البحث في ديكور العمل ويصنعه ومتى كان الديكور دمى عملاقة يتولى صناعتها بنفسه ومن ثمة يتولى مهمة «ماكياج الممثلين» لانه من امهر «ماكيور المسرح في تونس».
عبد السلام جمل عرائسي ومن امهر محركي العرائس في تونس فنان متميز ومبدع منقطع النظير متعدد المواهب فنان حالم له علاقة خاصة مع العروسة انطلاقا من تصور شكلها وابعادها فالتفكير في المواد التي سيصنعها منها الى صناعتها واكسائها فالباسها جزءا من روحه اثناء التحريك، الجمل ابدع في تحريك العرائس في مسرحية «في العاصفة» لحسن المؤذن التي عرضت في ايام قرطاج لفن العرائس، عبد السلام الجمل ايقونة في فن العرائس فنان هادئ وصامت ومبدع وكلما حرّك العروسة او صنعها كانت تحفة فنية تنطق بصدقه وإبداعه وحلمه الدائم.

فارس العفيف: طفل لن يكبر
أصغر الممثلين وأمهرهم، ممثل بالأساس تخرّج هذا العام من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس ولكنه يعمل منذ اولى سنوات الدراسة في الاعمال الموجهة للاطفال، فارس لعفيف خفيف الظل وصاحب الافكار العجيبة من الكلوناسك الى الماريونات مبدع ومقنع، فارس العفيف حين يحرّك العروسة يشبعها من روحه الضامرة وافكاره المتقدة نقدا كلما شاهدت عروسة اثناء العرض تكون مختلفة من حيث الحركة وتتحدث بروح مرحة تعرف ان العفيف خلفها.
في «العاصفة» ابدع فارس العفيف في دور لمهرج، رغم ان المسرحية جد ناقدة عمل تراجيدي عن نصوص شكسبير مسرحية تقدم صورة عن الخيانة والعقوق الا ان شخصية المهرج كانت فسحة للمتفرج ومتنفسا للضحك والتفكير معا فالمهرج يقول حكما في شكل نكتـ فارس العفيف كان عنوانا للقوة في مسرحية العاصفة.
العفيف عرائسي مميز من المهتمين بصناعة العروسة انطلاقا من الفكرة الى التجسيد، هو ايضا «كلون» ماهر ومميز فعرض «بانتالوني يتجول» الذي تجول في ربوع تونس و الامارات و السينغال عرض نقدي ، عرض يتحدث فيه الكلون عن الانسان وينقد العديد من الممارسات خلف قناع المهرج، العفيف طفل لا يكبر طيلة المهرجان يتنقل بين الورشات و يواكب جلّ العروض لان «الفرجة نتعلم منها والي مايتفرجش مايتعلمش» كما يقول العفيف، فنان يعرف جيدا طريقه للنجاح والتميّز.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115