مهرجان قرطاج الدولي: عرض «بينوكيو».. داخلنا طفولة تأبى أن تكبر ...

نحن اطفال لا نكبر، قلوبنا زرعت رياحين مزهرة لا تذبل أبدا، ارواحنا كما نجوم سماء ليلة صيفية لا تأفل، ابتساماتنا كما بدايات الصباحات

الجديدة مليئة بقطرات الندى المنعشة، نحن اطفال القلوب وان كبرت اجسادنا تبقى طفولتنا عنوان الأمل يسكننا لنفرح دوما و نشرّع نوافذ الفرح على كل تعاليم الحياة و الجمال.
لأننا اطفال نعشق كلّ ما يعشقه الصغار ويذوبون في محبته، مثلهم نحبّ «الايسكريم» و نرقص لموسيقاهم و نبتهج لاسئلتهم الفلسفية وربما نعاندهم في مشاكساتهم و نصاحبهم في رحلة الخيال التي يسافرون فيها الى مكان غير المكان وزمان غير الزمان رحلة كانت في سهرة 5اوت 2018 اسمها بينوكيو رحلة عالم الخيال انطلقت من ركح المسرح الأثري بقرطاج.

«بينوكيو» تفاصيل الجمال يكتبها الصغار دوما
رحلة ممتعة واستثنائية، ضحكات هنا و صرخات هناك، هذا يريد لعبة بالاضواء والاخر يريد بعض الحلوى وتلك ترقص على موسيقى الشريط الذي تبثه شاشة المهرجان ورابعة تلتقط صور سيلفي وخامسة وضعت الهاتف لتصوير بعض مشاهد العرض، اختلفت الألوان، تباينت الازياء وتسريحات الشعر، ولكنهم اشتركوا في كلمة واحدة «بينوكيو»، هنا اطفال يعشقون الحياة أقبلوا صحبة اوليائهم لمشاهدة العرض الفرجوي «بينوكيو» .

اللقاء مع الاطفال حتما أجمل فهم يغنون يبتسمون يصرخون يصوّرون ثم يعودون الى الهدوء والصمت،بتاريخ التاسعة و النصف انطلق العرض بأصوات طفولية فشمس وقميرة و جيسينيا تولين مهمة تقديم العرض لأصدقائهن الاطفال فكنّ ثلاثتهنّ شرارة امل متقدة ألهمت أترابهن ليصرخوا «بينوكيو».

موسيقى صاخبة تحييّ أطفال قرطاج تفاعل معها الصغار بالرقص، مجموعة من الممثلين الاطفال يخرجون الى الركح يحيون أترابهم، أطفال تميزوا على الركح وكانوا عنوان النجاح فيه، اطفال جمعهم حب المسرح فلبوا نداء قلوبهم و مارسوا ذاك الفن النبيل، ستة اطفال على الركح يرقصون أولا، ثم مشهد ثان أكثر ابداعا فطفل يجسد دور بينكويو تلك اللعبة المصنوعة من الخشب، لمدة 10 دقائق وهو كما اللعبة جامد لا حراك فيه، الى جانبه اطفال اخرين كما الدمى ايضا لم يتحركوا لعدة دقائق ، اطفال اكدوا حتما أنهم مبدعون شدوا انتباه الجمهور وتميزوا على الكبار على الركح فان يبقى طفل في وقفة واحدة لمدة دقائق ليبدو كما التمثال و يصدق الاطفال انه لعبة وليس بشرا فذلك هو النجاح والتميز.

في بينوكيو الاطفال من الممثلين والجمهور هم سمة العرض ورمز نجاحه، الطفل «بينوكيو» في كيفية كلامه وحركته و اكتشافه لما حوله و اترابه من الجمهور وهم يساعدون الوالد على ايجاد بينوكيو، اختلاف الرأي حول ذهاب «بينوكيو» الى المدرسة من عدمه، تلك الطاقة العجيبة بين اطفال ايطاليين على الركح وأترابهم من الجمهور التونسي كشف ان اللغة ليست بحاجز امام صدق الاطفال وقدرتهم على التماهي و الانسجام وان اختلفت اللغة والانتماء ، لساعة ونصف كتبت كل تفاصيل المتعة و الجمال عرض انساني بامتياز اكد انّ الاطفال دوما يكتبون تفاصيل الجمال أينما حلوا.

بينوكيو...من التراجيديا تولد المتعة
«بينوكيو» من منا لم يفكر في طفولته ان انفه قد يطول ان كذب او زيف، من منّا لم يتخيّل نفسه بحال بينوكيو قادر على تغيير الاقدام و الرأس و اليدين متى اراد ذلك فقط لا يكذب، من منّا لم يكذب متعمدا ليرى هل سيطول انفه ام لا؟ بينوكيو الطفولة و التراجيديا كان اللقاء معها على ركح قرطاج الاثري.
الجميع يعرف قصة بينوكيو اللعبة الخشبية الذي اصبح انسيا بعد ان اتضح انه حكيم وصادق، بينوكيو اللعبة الخشبية التي عاشت مغامرات عديدة اولها دخوله للمسرح بدل الذهاب الى المدرسة ثم لقاؤه بالذئب والثعلب اللذين طمعا في امواله وحاولا ثنيه بجميع السبل عن المدرسة «لانها مرهقة» في حين انها فضاء للمتعة و الحلم و العلم وتلك رسالة من رسائل العرض.

بينوكيو عمل فرجوي للأطفال تماهت فيه كلّ مقومات الجمال انطلاقا من السينوغرافيا الجميلة جدا الى اداء الممثلين المبهر فالأزياء الممتعة والرقصات الجميلة جميعها تبهر الطفل وفي الوقت ذاته تقدم له عدة رسائل بطريقة سلسة أولها أهمية المدرسة عند الطفل وثانيها قول الصدق بدل الكذب فالحقيقة مهما قست تكون اجمل من الزيف والكذب.

رسالة اخرى هي ضرورة تقبّل الاخر وان اختلف عنّا ففي احدى المشاهد نجد بينوكيو يبكي وحيدا فقط لأنه مختلف من حيث الشكل والمظهر وأترابه سخروا منه، بعدها يتحول جميعهم الى «احمرة» كعقاب على السخرية من بينوكيو، رسالة انسانية تدعو الاطفال ليعاملوا أترابهم بلين ويقبلوا اختلاف الشكل والمظهر فالانسان خلق ليكون مختلفا عن الآخر كما يقول «بينوكيو».

بينوكيو من التراجيديبا خلقت المتعة من قصة مؤلمة للعبة خشبية تمر بالعديد من المحن حتى تصبح حكيمة ويتحوّل الى طفل بشري ولدت حكاية تداولتها الاجيال لتصبح عرضا فرجويا جمع كل الفنون تقريبا المسرح والرقص والسينما، عرض انيق ومميّز حمل جمهور قرطاج الى عالم الحكايا والخيال الممتع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115