مهرجان الحمامات الدولي: جاهدة وهبي: تخترق خبايا الشعر وتحملك إلى سدرة المنتهى

عشقت الشعر قديمه وجديده، تماهت مع الكلمات سحرها جناس الشعر العربي و ابهرتها الاستعارة في الشعر الغربي فقررت ان يكون

نبض القلب عنوان للشعر وصنعت من تهدّجات الروح موسيقى تخترق القلب تحمل من يسمعها الى سدرة المنتهى حيث تتماهى مع النغمة و يتجلى الحلم امامك قصائد مغناة ساحرة و في ركح جد جميل ومع الفرقة الوطنية للموسيقى التونسية كانت المتعة.
متعة عنوانها كلمة حلوة غنتها جاهدة وهبي بروح عاشقة تتغزل بحبيب ازلي وتكتب معه قصة حبّ اجمل من حكايا الالهة، في مهرجان الحمامات الدولي اضاء قمر الموسيقى المسرح و مع القصائد المغناة كتبت جاهدة وهبي لجمهورها رحلة موسيقية انتشت معها الارواح والعقول.

جاهدة وهبي نبض الشعر وخفقان النوتة
توسّط القمر الفضاء بين السحب كان منيرا وكأنه يكتشف الفضاء أيضا جمهور متوسط العدد، صوت هسيس الموج غير بعيد عن المسرح الساحر، صمت قبل العرض، الكمنجات الى يسار الركح جهة القلب وكانها نبضه وعنفوانه، بفستان اسود جميل اطلّت جاهدة وهبي على جمهورها في الحمامات، هي سيّدة الشعر و الكلمة كما يسمونها، بابتسامة عريضة حيت جمهورها قبل ان يعلن المايسترو محمد الاسود عن انطلاق الرحلة الموسيقيةرحلة كانها جلسة يصفها عمر الخيام وتغنيها جاهدة وهبي وتقول:
أولى بكَ العشق وحسو الشراب
وحَنَّةُ النّاي ونوح الرباب
فأطلق النفس ولا تتصل
بزخرُف الدُنيا الوشيك الذهاب

الكمنجات تعلن السفرة الموسيقية الى قصائد درويش و احلام مستغانمي و الحلاج والمتنبيّ و جلال الدين الرومي و ابو القاسم الشابي، فجاهدة وهبي المغرمة بالشعر منذ الطفولة اختارت ان تكون صوت القصائد المكتوبة ونبض الكلمات غير المقروءة، فنانة عشقت الشعر العربي وقررت ان تغنيه للشباب و تحفظه للاجيال القادمة خاصة في ظل تراجع نسب اقبال الشباب على قراءة الشعر بموسيقاها الحالمة تغني الشعر العربي وتقدمه باسلوب موسيقي مميز فتكون الكلمة كما الياسمين منعشة ولينة.
غنّت للحلاج «اذا هجرت» وامتعت الحضور بسحر صوتها وهدوئها حين تغني وكانها عاشقة تستحضر المعشوق :

إذا هجرتَ فمـن لـي ومـن يجمّل كـلّي
ومـن لروحي وراحي يا أكثـري وأقـلّي
وغنّت للمتنبي، غنّت من كلمات احلام مستغانمي التي سبق وان وصفتها بالقول «معجزو الحناجر المباركة» ، امتعت الجمهور بقصائد ابو فراس الحمداني في «اراك عصيّ الدمع» فكانت كلماتها الياذة للسفر مع موسيقى الكمنجات وسحر الة البيانو التي رافقها عليها ايلي معلوف العازف اللبناني.

لا صوت يعلو على صوت الحب
موسيقى هادئة ورقيقة عزف ساحر على الة البزق تلك الالة المشبعة بالشجن و الحب، نغماتها الرقيقة وكانها خفقات قلب العاشقة قبالتها الة اكثر عشقا الة الناي التي ابدع عليها حسين بن ميلود، تتماهى موسيقى البزق وتغازل نغمات الناي فتأسرك حتما وانت تستمتع بصوت العاشقة جاهدة وهبي تقول
يازهو عمري .. كُن ابني
كي أُباهي بك
واختبر الأنوثة بوسامتك
عساها تطاردك رائحتي
ويحتجزك حضني
وتخذلك النساء جميعهن
فتعود مُنكسراً إلي

ستستمتع حتما برقة تعاملها مع الكلمة وتلك الطاقة العجيبة التي تاسر الحضور كلما غنّت فهي «كاهنة المسرح» و «شاعرة الصوت و مثقفته» و «ديفا الشرق» و «المجاهدة في سبيل الفن الاصيل» و ألقاب اخرى عديدة جميعها لامرأة عشقت الشعر فكانت صوته ودافعت عنه دفاع الام عن وليدها.
هي العاشقة و الحالمة ولدت في «البقاع» اللبنانية ومنها تعلمت ان تجمع تضاد الجبل والسهل، بين صعوبة الجبل ووعورته وانبساط السهل تكونت شخصية تلك المرأة المميزة، غنّت الشعر العربي وتجذّرت في تربتها كما شجرة الزيتون وفي الوقت ذاته عشقت الشعر الغربي وغنته كفراشة تأبى القيود، فنانة مغامرة وحالمة كلماتها من نار ونور .

عن الشعر تقول كبساط ريح يحملني خارج زماني ومكاني، يسرقني إلى انعتاقي، إلى منفاي، قد يأخذني بخفّة، بوجع، بجمال، إلى ذكرى. قد يزرعني في المستقبل، قد يعيد ترتيب حاضري، ينتشلني من العادي، ويرفعني إلى هواء صحي، وقد أصيرني فيه «جاهدات» كل واحدة مني تهاجر من خلاله إلى الأشهى والأخصب... إلى غائية الوجود... إلى قناديل المحال.

الفن كان ولا يزال ذريعتي للطيران إلى سدرة شاهقة، وهو دليلي إلى التوهان الأقصى وفي الحمامات كان صوتها وموسيقى البزق والناي عنوانا للحلم للعشق ولكتابة صلوات ابدية للحياة فلا صوت يعلو على صوت الحب.

الشابي ...اولاد احمد...الهادي الجويني، تونس ولّادة
تماهت الكمنجات، تسابقت النغمات، الالات الايقاعية هي الاخرى تكتب قصة موسيقى جميلة وكلمات قوية صادحة بالحق و الحرية، فنانة تعلمت عن والدها الشهيد معنى العرفان والمودة واعترافا منها لجمهور احبّها ووطن استقبلها غنّت جاهدة وهبي من كلمات شاعر الانسانية ابو القاسم الشابي قصيد «ارادة الحياة» تحديدا مقطع:
ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـاة مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ
كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ
ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ:
إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ
ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ
كلمات تدعو الى الثورة ضدّ كل الوان السبات و صوت جاهدة وهبي عنوان لثورة شعرية وموسقية، غنت ايضا لاولاد احمد «نحبّ البلاد» وغنت «تحت الياسمينة في الليل» للهادي الجويني اغنية قالت عنها «ممتعة وحلوة حفظتها ليلة الحفل وقدمتها هدية الى تونس».
جاهدة وهبي غنت و قالت الشعر وأمتعت حضورها في سهرة طربية كانت الفرقة الموسيقية فيها عنوانا للتميّز لانّ تونس ولادة والعازف التونسي اثبت انه فنّان مبدع وقادر على النجاح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115