أتم الفنان التشكيلي والمسرحي صالح الصويعي تعليمه العالي بفرنسا أين تحصل على الاستاذية في الفنون التشكيلية والمسرح من باريس سنة 1980 ليقدّم لجمهور مسرح قرطاج سنة 1981 أول سهرة للشعر الشعبي..قام بإخراج العروض الفرجوية والتراثية بساحة حنيش في عديد دورات المهرجان الدولي للصحراء بدوز ...مسيرة فنية انطلقت منذ سبعينات القرن الماضي أثرت المشهد الثقافي محليا ووطنيا في الفنون التشكيلية ،النحت ، التمثيل والإخراج والإنتاج في المسرح والسينما ،كتابة الشعر، فن الحكاية وإنتاج عديد البرامج الإذاعية الثقافية..اما عن دار صالح للفنون هذا الفضاء الذي جسّد مرحلة أخرى جديدة من رحلة طويلة متعددة الاختيارات ،فهو فضاء و عالم يتسع ليحتضن الجمال..هويُزاوج بين معرض لأعماله الفنية والورشات وعلى ركح هو بصدد التطوير..»ان الانسان يشعربالجمال من خلال تناسق الشكل الذي يشعره بالمتعة، بينما يؤدي الافتقار الى مثل هذا التناسق الى خلق شعور بعدم الارتياح وعدم الرضا والنفور..».
فضاء شكل محجة للعديد من المهتمين بالثقافة في جهة دوز وخارجها وعن ارتسامات عدد من زوار هذا الفضاء ، أكد الاستاذ علي بالطيب أن زيارة «دار صالح للفنون» ولقاء عم صالح ذلك الفنان الذي ابهر جمهوره بمواهبه المتعددة من مسرح ورسم ونحت.. ابهرنا بحفاوة الاستقبال وبقدرة عجيبة على الاقناع بوجهة النظر.. يتكلم كأنه يرسم وترى في بريق عينيه وحركات يديه ونبرات صوته فنا قل أن يتوفر عند غيره.. مبروك دارك/دارنا ايها المبدع وننتظر ان يكون لها شان وخبر وان يقبل شباب المدارس والمعاهد عليها لتكون كعبة لعشاق الفن الاصيل.. أما الاستاذ محسن عزيز فرأى في هذه الدار نجما ثقافيا يولد ليضيء على دوز لينهل منه أصحاب المواهب ابداعات إنه فضاء صالح الصويعي المرزوقي للفنون ... طوبى لك يا دوز .. في حين كتب حامد بالحاج للأماكن تاريخها، ناسها، عاداتها، أفراحها، و أتراحها ... و قليلة هي الأماكن التي تجُود بفنّان يوثّق حياتهم عبر أعمال تستجلي دقائق حيلتهم تأمّلا و نقدا و توجيها نحو مستقبل مشرق واعد ... و من الأماكن التي حظيت بفنّان تأمّل الأحداث و غاص في أعماقها إنّها مدينة دوز وهو الفنان صالح الصويعي المرزوقي الذي أحبّه الكثيرون ووقف ضدّه كثيرون، أقبلت على أعماله أجيال من الباحثين عن الجديد، ونظرت إليه أجيال بإحتراز يتساءلون عمّا يريد هذا الفنّان المتحرّر من قيود الزمن، وعن أيّ رسالة يسعى لإيصالها إلى جمهور المثقفين ... هو بمثابة العاصفة الهوجاء التي لا يحدّ من اندفاعها شيء، لكن للعاصفة قلبا يخفق بالمحبة و الحنان والأصالة ورائحة هذه الربوع الذي نشأ فيها وحلقات الأهل و العشيرة الذين ترعرع بينهم و خاصة حضن الأم تلك المرأة العظيمة التي زرعت في نفسه بذور التحدي و الشجاعة وحب المغامرة..
عم صالح الفنّان كبر في صيرورة الزمن المنفلت وصغر بإصراره الحازم على الارتداد إلى طفولته في هذه الربوع التي يستوحي صورها عبر أعماله ... هو الفنّان يأبى أن يعيد ذاته وفنّه بنفس الأطر وأساليب الإبلاغ الفنّي ... إن ما يطلبه ولا يدركه كما لو كان يحلم فقط بأن تزهر هذه الربوع ...
إنّه تأكيد الانتماء إلى هذه الأرض التي تختزل في صغرها كبر الوطن عبر الحضور لا عبر التخيل... عبر المعايشة لا عبر التعويض عن المطلوب ... ظلّ العم صالح يضرب في الساحة الثقاقية لأكثر من خمسة و أربعين عاما متحديا الصّمت والخوف والجمود، مؤمنا بأنّ قدر الفنان صراع متجدّد وحرب ضروس على الواقع المرّ من أجل تغييره ... إنه يفاجئ في كلّ مرّة الساحة الثقافية بحصاد غزير يتضمّن فيضا من محبة الوطن و فيضا من محبة عمال الأرض و فيضا من محبة التائهين بلا شراع و بلا بوصلة في ساحات المدن وأزقتها، إنّه النّبض الذي يخفق في صدورهم، إنّه هم بما ارتسم على وجوههم من تعب و شقاء و حيرة، إنّه هم يصرخ بصراخهم و يحتج باحتجاجهم و يرفض برفضهم إنه و ببساطة رجل تمرّ الأيّام وتطوى الأعوام وتندثر مدن وتنبت مكانها مدن أخرى وهو لا يسقط من الذّاكرة..