في مساء رمضاني زار سيدي بوسعيد الباجي سيدي ابراهيم الرياحي، خرجة موسيقية صوفية وتاريخية انطلقت من فضاء المخزن الثقافي بباب سويقة ونظمتها الجمعية التونسية للتراث والتنمية، خرجة كشفت المخزون التراثي والثقافي الكبير للمدينة العتيقة ولباب سويقة.
هي كما طائر الفينيق...كلما هوت انتفضت اجمل
جميلة وساحرة هي المدينة العتيقة، لانهجها وبناياتها الاف الحكايات، حكايات من مروا من هنا سابقا وأسرار سكان البيوت حاليا، للمدينة العتيقة سحرها وفي شهر رمضان تصبح اجمل وتخرج من صمتها ليلا فكل الأنهج مضاءة بأجمل الألوان قناديل تزين الحيطان وكل المقاهي والمطاعم والفضاءات الثقافية تفتح ابوابها ليلا لتستقبل عشاق السمر والسهر.
لكل نهج قصة ولكل معلم تاريخي حكاية، في المدينة العتيقة ستنسى ضوضاء المدن العصرية، ستنسى قساوة اسفلت الطرقات وستنبهر امام عظمة وجمال الابواب المختلفة الاشكال والألوان اذ تتميز ابواب المدينة العتيقة عن غيرها، تجول وتأمّل زينة الابواب ستجد ابوابا مستطيلة وأخرى مقوسة، ابواب ذات دفة وأخرى ذات دفتين، هناك الابواب الزرقاء وأخرى مطلية باللون الاصفر وأخرى باللونين الاحمر والأخضر، فلكل باب سحره ولكل باب حلقتان ولكل حلقة وظيفة مختلفة عن الأخرى وفي الابواب نجد باب الخوخة وهو نوع من الأبواب الكبيرة التي يتخلّلها باب صغير، يُقال أنّ أوّل من استحدثه أميرة اسبانيّة، وهي زوجة موسى بن نصير، لترغم الدّاخلين إلى ديوان الوالي على الانحناء. تكون الأبواب عادة محاطة بإطار من الحجارة متكوّن من لونين، لون قاتح، مزخرف بنقوش وآخر داكن، كما تكون مزخرفة بمسامير سوداء، مثبتة على أشكال مختلفة، فابواب المدينة العتيقة لوحدها حكاية.
المدينة العتيقة بأنهجها المتفرعة وابوابها المختلفة وبناءاتها المتابينة، من باب البحر كما يسمى ذاك المعلم الذي بني في عهد الأغالبة، ويقع في السور الشرقي للمدينة العتيقة،و تروي بعض المعتقدات بأن مياه البحر كانت تصل إليه وهو ما لم يحدث قط، ولكن سبب تسميته لأنه يفتح في اتجاه البحر، وهو في حقيقة الأمر يقع قبالة بحيرة تونس مما يسهل الحركة بين المدينة والمرفأ في البحيرة وصولا الى سوق البركة و نهج سيدي بن عروس ونهج الباشا وساحة التريبونال ونهج سيدي علي الرياحي جميعها تزخر بمعالم ثقافية وحضارية تشهد على عراقة المدينة، المدينة التي لم تعرف الاندثار يوما.»إن روحا عجيبة تسكن هذه «المدينة». ففي كل حقبة تاريخية يذهب ظن البعض إلى أنها ستندثر وتزول.. فلا يبقى لها أثر، غير أنها مثل طائر «الفينيق» الأسطوري تنتفض كل مرة من جديد، وتبعث فيها الحياة والحركة، فإذا بها ندية متقدة بالنشاط والحيوية» كما جاء في جريدة الشرق الاوسط. اذ كيف لمدينة فيها جامع الزيتونة المعمور ومجموعة التحف المعمارية الضاربة في التاريخ، من (المدرسة السليمانية) إلى (دار الجلد) و(القصبة) - فضاء الحكومات المتعاقبة على تونس - ومجموعة القصور التي كانت يوما تعج بأعيان (المدينة)، أن يتراجع دورها الاجتماعي والاقتصادي؟.. هذا، طبعا، من باب المستحيل، ولانها رمز للجمال وللحضارة كان اللقاء في سهرة رمضانية مع خرجة سيدي بوسعيد الباجي.
باب سويقة...حياة متجددة والفن الصوفي رمز المكان
الزمان الخميس 1جوان، الساعة العاشرة ليلا، المكان المخزن الثقافي لمحمد علي بن جمعة، في فضاء ثقافي توسط باب سويقة كان تجمع المواطنين و منشدي الفرق السلامية لانجاز خرجة سيدي بوسعيد
الباجي، الانطلاق من فضاء ثقافي يعمل على جمع أبناء الاحياء ثم التجول في انهج المدينة العتيقة وإعطاء لمسة والتعريف بها.
في العاشرة ومن أمام صور الدوعاجي وخميس الترنان والطاهر الحداد كان الانطلاق، رائحة البخور اتحدت مع رائحة القهوة، تجمعوا ثم كان الانطلاق، بضعة امتار ستجدك وسط ضوضاء ثقافية استثنائية، المجموعات الصوفية وعروض للاطفال والكافيشانطا في باب سويقة مجموعة من العروض تابعها الكبار والصغار وكانها صورة من رمضان زمان.
وتاريخيا باب سويقة هو أحد أبواب مدينة تونس العتيقة. كان يقع قرب حي الحلفاوين المجاور لباب العسل وباب الاقواس، بين باب البنات وباب قرطاجنة من الأسوار الداخلية، وبين باب الخضراء وباب سعدون من الأسوار الخارجية للمدينة العتيقة، وكان قد هُدم عام 1861. وهو حاليًا أيضا أحد الأحياء الشعبية لمدينة تونس نسبة إلى ذلك الباب.
جاءت تسمية باب سويقة من تصغير لكلمة ساقية. وتوجد فيه العديد من المعالم التاريخية وأهمها على الإطلاق زاوية سيدي محرز وجامع محمد باي وجامع الزرارعية.
في باب سويقة مساء 1جوان كانت كل الفنون موجودة في الساحة، الكافيشانطا قبالة صالة الفتح قديما، وامام دار الثقافة عروض تنشيطية للاطفال، فلكل شخص نصيبه من الإبداع في ذاك الحي.
تواصلت الخرجة من باب سويقة الى نهج الباشا،البخور ينتشر في المكان زغاريد النسوة من شرفات منازلهن، وبعضهن لبسن السفساري والتحقن بالموكب الصوفي ، ، ثم التوقف قليلا عند نهج الباشا ودعوة
السكان مشاركتهم الرقص والغناء،ثم حمّام سيدي الصحبي، ثم نهج القلش فنهج الناعورة، مسجد سيدي بوحديدة فمنزل يعود الى العام 1909، طيلة الطريق والبخور ينتشر في المكان ويفوح عطره، ثم التوجه الى ساحة الحفصية والتجمع قليلا امام الفضاء الثقافي بير الاحجار، فساحة التريبونال ثم نهج سيدي ابراهيم الرياحي قبل التوجه الى زاوية سيدي ابراهيم الرياحي وهي معلم تاريخي اسسه المشير احمد باي الاول عام 1850ميلادي وجدده الصادق باي في 1879 ميلادي، وطيلة المسار كان المواطنون ينضمون ويشاركونهم الاحتفال.
في زاوية سيدي علي الرياحي انتهت الخرجة الصوفية تجمع الكل داخل الزاوية رقصوا على الاغاني الصوفية وهللوا وكبروا واستمتعوا بسهرة رمضانية عبقت من جمال المدينة العتيقة.