وعدم الصبر علي القضاء. ومن تلك الأحاديث ما أخرجه الحاكم وصححه. عن أم الفضل. أن رسول الله صلي الله عليه وسلم. دخل عليهم وعباس عم رسول الله صلي الله عليه وسلم. يشتكي. فتمني عباس الموت. فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: «يا عم لا تتمن الموت. فإنك إن كنت محسناً. فإن تؤخر تزداد إحساناً إلي إحسانك خيراً لك. وإن كنت مسيئاً. فإن تؤخر فتستعتب من إساءتك خيراً لك. فلا تتمن الموت».
وأخرج الشيخان عن أنس. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لا يتمنى أحدكم الموت لضرر نزل به. فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي. وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي».
يقول الصنعاني: وفي قوله: «فإن كان لابد متمنياً» يعني إذا ضاق صدره. وفقد صبره عدل إلي هذا الدعاء وإلاّ فالأولى له أن لا يفعل ذلك..
وينبغي على الإنسان أن يترك أجله لله. ولا يضيق من شدة الابتلاء. بل يصبر وله بذلك الأجر. بل عليه أن يفرح بطول عمره. ويدعو الله به. ليتمكن من العمل الصالح. والصبر علي المكاره. فقد أخرج الحاكم بإسناد صحيح. عن أبي بكرة. أن رجلاً قال: يا رسول الله. أي
الناس خير؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله». قال: فأي الناس شر؟ قال: «من طال عمره وساء عمله».
ويقول تعالي:
للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب (الزمر: 10).
وقال تعالي:
ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (البقرة: 157-155).
وبهذا يتضح أن الشريعة الإسلامية تري طول العمر نعمة تستحق الشكر. وعلي كبار السن أن يفرحوا بنعمة الله عليهم. وأن يكون دعاؤهم إلى الله سبحانه أن يوفقهم لمزيد من حسن العمل. وليس تمنياً للموت.