قدّم الأستاذ سمير بشة كتاب «حفريات في ذاكرة الموسيقى العسكرية التونسية من بداية القرن 17 إلى نهاية القرن 19» للكاتب أنيس المؤدب.
تكمن أهمية المؤلّف حسب الأستاذ بشة في استثنائية المبحث، إذ «نادرا ما تهتم المؤلّفات بهذا الموضوع»، خاصة في تلك الحقب التاريخية ، لذلك يعتبر العمل «أوّل مبادرة للاهتمام بالموسيقى العسكرية التونسية» على حد عبارة الأستاذ سمير التريكي، رئيس قسم الفنون بالمجمع . لقد تميّزت القرون 17-18 و19 وفقا للكتاب بإبداعات موسيقية عسكرية تعكس المكوّنات الفكرية للمجتمع التونسي
باعتباره متعدّد في مقوّماته الثقافية، فهي تجمع الأندلسي، والعثماني، والمتوسطي الخ...
ولإضفاء الروح العلمية على بحثه انطلق الكاتب من الوثائق الأرشيفية والأيقنوغرافية، إلى جانب النصوص الأدبية، والأعمال التاريخية الموثّقة لاهتمامات وأذواق الطبقات الاجتماعية السائدة آنذاك، بل أبرز في عمله مكانة هذا النمط الموسيقي لدى الأسرة الحاكمة الممثّلة في سلطة البايات .
لم يرصد المؤلّف سمات الموسيقى العسكرية التونسية فحسب من خلال إبراز طبيعة فرقها وتقنياتها ورصيدها الإبداعي، بل اهتم عبرها بخصوصية النسيج الاجتماعي التونسي آنذاك، وعليه يكون من خلال حفرياته في الموسيقى العسكرية قد قام بحفريات في الخارطة الاجتماعية التونسية، بما تعنيه من دلالات فنية، وسياسية، واجتماعية مختلفة.