جاءت الأرقام الواردة في تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2016 الصادر أمس الأول تحت عنوان «الشباب وآفاق التنمية في واقع متغير»، صادمة في شقها المتعلق بالمنطقة العربية لما أظهرته تلك الأرقام من «سوداوية» في واقع الشباب العربي بعد 5 سنوات من اندلاع ثورات الربيع العربي.
والتقرير الذّي نشر أمس الأول هو السادس في سلسة تقارير يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ عام 2002، استعرض الصعوبات التي يواجهها الشباب العربي وأهمها قلة فرص العمل اللائق والإقصاء وضعف المشاركة في الحياة السياسية وانخفاض جودة أساسيات العيش الكريم مثل التعليم والصحة بالإضافة إلى انتشار العنف والاقتتال حيث ربط التقرير الأرقام الصادمة التي نشرها بواقع الحروب والصراعات التي تعيش على وقعها المنطقة العربية .
وحذّر التقرير من الواقع الصعب الذي يعيشه العالم العربي وخصوصا فئة الشباب والنساء ، وقال التّقرير أنّ 5 بالمائة من سكان العالم عرب ، لكن الأسوأ من ذلك هو ما ذكره تقرير للأمم المتّحدة للتنمية البشرية أنّ نصف هذه النسبة من العرب إرهابيون ولاجئون في العالم. وقال التقرير أن العالم العربي مثل 2014بـ 46 في المائة من نسبة الإرهاب العالمي، و68 بالمائة منهم من اللاجئين الذين فروا من بلدانهم، في حين يمثلون 70في المائة من القتلى نتيجة الحروب .
وفي مقارنة مابين 2002 و2016 ، وبعد أن كانت هناك 5 دول فقط تعاني من الحروب قال التقرير أن هناك 11 دولة عربية اليوم تعيش صراعات وعنفا واقتتالا ، ممّا يدلّ أن واقع المنطقة العربيّة يسير نحو الأسوأ إذا ما أشرنا إلى أن هذه الزيادة تمت خلال 5 سنوات فقط ، وقال التقرير أيضا ان البطالةُ بين الشباب العرب هي الأعلى في العالم، وقد بلغت نسبتها عام 2013، 29 % مُقابل 13 % عالميا. وبحسب التقرير، تحتاج المنطقة إلى إحداث ما يصل إلى أكثر من 60 مليون وظيفة جديدة في العقد المُقبل لاستيعاب العدد الكبير من الداخلين إلى القوى العاملة. ويرى مراقبون انه رغم سوء الواقع الراهن الذي عبر عنه التقرير إلا أن الأسوأ هو التوقعات التي تضمنها التقرير أيضا انه بحلول عام 2020 سيعيش 3 من كل 4 عرب في بلدان تعصف بها الحروب والصراعات .
بين العسكري والبشري
وفي هذا السياق وعن نقاط الاختلاف بين واقع الشباب العربي سنة 2011 وواقعهم هذا العام قال الباحث المختصّ في الشؤون الإستراتيجيّة د. عامر السبايلة لـ»المغرب» أنّ الواقع الرّاهن شبيه بالواقع الذي كان قبل ثورات الرّبيع العربي .
وأضاف محدّثنا أن المشاكل كلها كانت تراكمية متعلّقة بالأساس بموضوع التنمية البشرية والإنفاق على التنمية البشريّة .مشيرا إلى أنّ الإنفاق العسكري والأمني في الدول العربية اكبر من الإنفاق المخصص للتنمية البشرية وهو ماخلق تراكمات أثرت على واقع الشباب العربي بالاضافة الى التهميش السياسي وعدم إدماج الشباب في الحياة السياسية وانتشار العنف مع التوقعات باتساع رقعة العنف. وأكّد محدّثنا أن الصورة الراهنة لواقع العرب ليست «وردية»، مصيفا أن التقرير الأممي الأخير هو من أجرإ التقارير التي تصف الحالة العربية ، مضيفا أنّ فشل الدول العربية في بناء هوية وطنية وفشلها في تحقيق حالة من الانتماء لدى الشباب وتحويلهم إلى أعداء للدولة نفسها في الداخل ساهم في زيادة ظهور الهويات الفرعية وخلق واقع صادم .
وحذّر السبايلة من التوقعات لسنة 2020 باعتبار انها تتحدث عن واقع أكثر سوداوية ، داعيا الى ضرورة اعتبار التقرير جرس إنذار للانتقال إلى مرحلة تدخّل «جراحي» يقطع مع السياسات التنموية الفاشلة في المنطقة العربية .
العرب ..عبء على العالم ؟
وعن تأثير هذا الواقع الصعب على صورة الشباب المسلم في العالم، أجاب محدّثنا :«عندما يكون العرب يشكلون 5 % من سكان العالــم، و46 % منهم منخرطون في الإرهاب المهدد للســــلم العالمي...و68 % منهم منتمون الى حركات اللجوء كيف ستكون صورتهم؟» .
وعن واقع الجاليات المسلمة في أوروبا في ظل هذا الواقع الصعب بالإضافة إلى صعود اليمين المتطرّف قال السبايلة «اعتقد أن هذا الملف يجب ان ينظر إليه بصورة جديدة..العرب يتحولون إلى عبء على العالم... صورة هذه الجاليات وطبيعة التعاطي مع التطورات السياسية تحتاج الى عقليات وإدراك اكبر لكيفية مواكبة هذه التحولات، موضوع خطاب هذه الجاليات وممثليها سيكون هو التحدي الأكبر». وشدّد الباحث الأردني على ضرورة الاستثمار في الإنسان ، من خلال قطاعات الثقافة والفكر والمشاريع التنموية الحقيقية