«تالة» هي واحدة من المناطق التونسية التي تقع في الوسط الغربي لتونس، وتتبع ولاية «القصرين» التي كانت واحدة من المناطق التي شهدت حراكا شعبيا مبكرا في ديسمبر 2011 في ثورة أطاحت بنظام حكم بن علي في 14 جانفي 2011... وتالة هي عنوان الفيلم التي يصفها مخرجه بالحبيبة، «تالة حبيبتي» وبينها وبين القصرين تدور قصة الفيلم في 87 دقيقة.
يبدأ الفيلم بمشهد «حب» بين «حورية» (نجلاء بن عبد الله) وزوجها (محمد الداهش)، لنكتشف لاحقا أن هذه العلاقة الزوجية لا حب فيها، وأن «حورية» عاملة المصنع في القصرين هي في الأصل مناضلة سياسية أنهكها نظام «بن علي» وفرقها عن الرجل الذي تحب «محمد» (غانم الزرلي) الذي قيل لها إنه توفي فتزوجت زواجا تقليديا لتخرج من «تالة» التي تذكرها بحبيبها... في الحقيقة لم تترك «حورية» السياسة و أن الفيديوهات التي كانت تشاهدها على الأنترنت وتنبئ بهبوب عاصفة الثورة أيقظ فيها المناضلة والرغبة في التغيير من جديد فتعود رفقة صديقتها (ريم الحمروني) لممارسة السياسة سرا تجنبا للمواجهة مع زوجها الذي يرغب في حياة عادية: استقرار مادي ومعنوي وطفل كانت «حورية» ترفض إنجابه دون أن يعلم (نراها حريصة على الالتزام باستعمال حبوب منع الحمل سرا، وفي مشهد آخر يقترح عليها زوجها عيادة الطبيب لمعرفة سبب تأخرها في الإنجاب).
غير بعيد عن القصرين، تعرف التحركات الشعبية في «تالة» تصاعدا، ويعود «محمد» السجين السياسي إلى مسقط رأسه بحثا عن حبيبته «حورية»، ومحاولة لترتيب حياته معها... هو الهارب من السجن، خسر الكثير من سنوات نضاله فقرر ترك السياسة لأنه يحلم فقط بحياة هادئة وبسيطة.
في «تالة» نكتشف التحركات الشعبية العفوية... نساء ثائرات، شهيدات، بلا خلفية معرفية ولا مرجعية سياسية كبيرة... هن باختصار ثائرات ضد الظلم، ومفهوم الظلم لا تحدده المعرفة ولا علم السياسة.
عندما تكتشف «حوية» في فيديو قادم من تالة أن «محمد» عاد من السجن، تقرر بدورها ترك حياتها في القصرين والعودة إلى «تالة»... هي أمام لحظة تاريخية: عودة حبيبها والثورة التي حلمت بها طويلا معه... لا يهم كثيرا موقف زوجها ولا والدتها... لكن ما فتتها هو موقف من تحب الذي كره السياسة وصار يحلم بحياة لا سياسة فيها حتى لا تتراكم أكثر الخسارات في حياته، فهل ستعيده «حورية» إلى هذا العالم؟
يحتفي الفيلم ب»تالة» المدينة المنسية... يقول صراحة إن إسهامها في الثورة كبير وهي بذلك تستحق الإنصاف سينمائيا.