و بممكنات الخزف المشكل لهيئات مقيمة في ابداعية و حلم الفنان... وهكذا هو الشأن مع الفنانة الدكتورة أسماء عبد اللاوي التي تعيش تجربتها الجمالية الجديدة المتجددة ضمن معرض ممتاز في فكرته و شكله و تجليات عناصره و نعني المعرض الشخصي الممهور ب " أركيولوجيا الذاكرة " المدعوم من صندوق التشجيع على الإبداع الفني والأدبي بوزارة الشؤون الثقافية و المنتظم كمشروع تشكيلي متراكم بفضاءات العرض بالمعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد ..
حضور كبير بين طلبة الفنون الجميلة و الأساتذة و النقاد و أحباء الفنون و رواد المعارض للاطلاع بين النظر و التقبل و التأويل بشأن أعمال فنية مختلفة التلوينات و الأساليب وفق مشروع أسماء عبد اللاوي الذي هو ثمار تجربة بمساراتها في البحث و المكابدة الجمالية المتشكلة منذ الانطلاقات الابداعية و الفنية و الأكاديميّة الأولى وفق علاقة واعية ومتواصلة مع الطين و ما أدراك ما الطين مادة و أصلا و مرجعية باعتبارها مادّة لا تُستثمر هنا كوسيط تشكيليًّ فحسب بل تُستعاد بوصفها الأصل الأنطولوجي و ما تمثله كذاكرة مادّيّة حاملة للأثر والزمن.. جسدًا أولا و سطح كتابة ومجالًا حيويًّا تتقاطع فيه التجربة الإنسانيّة مع مسارات متعددة مختلفة متتالية التحوّل والتشكّل...
هذا المعرض بعنوانه الدال و اللافت يمضي مفاهيميا في الحفر الأركيولوجي في الذاكرة لا باعتباره بحثًا في الماضي بوصفه معطًى مكتملًا، بل كآليّة تفكيك وتأويل وإعادة تركيب للطبقات الدلاليّة التي راكمها الزمن داخل الوعي الفرديّ والجماعيّ. إنّه حفر في المسافة الهشّة بين الأثر والنسيان، وسعيٌ إلى مساءلة ما يُنتجه الحاضر من صيغ ذاكرة جديدة، حيث تتشابك التجربة الحياتيّة بالسؤال الجماليّ، ويتحوّل العمل الفنّي إلى مجال لاختبار العلاقة بين ما كان، وما هو كائن، وما يمكن أن يؤسّس للمستقبل.
معرض ضمن سردية جمالية تتعدد تشكلاتها و زوايا تقبلها لدى الناظر بوعي تجاهها حيث يغدو اليومي مادّة اشتغال مفهوميّ وتشكيليّ، لا بوصفه تفصيلًا عابرًا بل باعتباره حقلًا دلاليًّا كثيفًا تختزن فيه الذاكرة أشكال حضورها الصامتة لتبرز مدينتا سيدي بوزيد وسليانة جغرافيتين مرجعيتين داخل المشروع لا من منظور تمثيليّ أو توثيقيّ مباشر بل بوصفهما فضاءين مشحونين بالتجربة والرمز حيث تمثّل سليانة، على وجه الخصوص لحظة تأسيسيّة في المسار الأكاديمي لاسماء عبد اللاوي التي تتوزع بين ممارسة التدريس مع تعميق الوعي بالمكان باعتباره بنية حاضنة للمعرفة والتكوين، ومجالًا لتشكّل العلاقة بين الذات والفضاء.