ويقع الكتاب في 143 صفحة من الحجم المتوسط، وقدّم له الدكتور توفيق بن عامر.
وفي هذه القصص محاولة لنقل بعض من الواقع الفلسطيني أيام الحرب، من رحلات النزوح المريرة إلى وجع الفقد ومرارة الأيام التي فقد فيها أهل غزة كل مظاهر الحياة، من أسقف تأويهم، إلى المأكل والملبس، وصولا إلى الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع، من خلال تسليط الضوء على تفاصيل دقيقة لحياة الغزيين اليومية.
هذه القصص التي تم استلهام كثير منها من الواقع الفلسطيني هي حكاياتُ فقْد وصمود، تحاول أن تنقل إلى العالم، بعين أخرى وبأسلوب مختلف، بعضًا من الأسئلة الحائرة التي رافقت اندلاع الحرب واستمرارها، كيف اضطرّ هذا الشعب إلى حزم حياة كاملة في بضع حقائب وبعض الصناديق أو الأكياس؟ كيف اضطرت عائلات إلى أن تعيش ممزّقة بدافع الترحيل القسري، بعضها في جباليا شمالا، مثلا، وبعضها في دير البلح أو خان يونس أو رفح أو غيرها من مناطق الجنوب... كيف أعادت هذه الحرب قطاع غزة عقودا كاملة إلى الوراء، كيف استهدفت المباني والديار والآثار، استهدفت الأرواح والعقول ولم تذر شيئا صالحا للحياة...
لكنّ هذه الحكايات تحاول أن تبعث شيئا من الأمل، تبثّه بين الكلمات والأسطر، تحاول أن تنبش بين الخراب والركام عن قصص مختلفة، ترى الكون بعين جميلة رغم كل شيء، عن شباب يدرك يقينا أنّه قادر على طرد هذا الملل الذي يجتاح النفوس والقلق الذي يرافق أيام أهل غزة، ببعث رسائل مفعمة بالتفاؤل، فتجد صدى لحلقات تحفيظ القرآن داخل المخيمات المتهالكة، أو لورشات الرسم التي أقيمت في أنحاء متفرقة من غزة، تحاكي واقعا أليما وترسم غدا مشرقا وتدفع عن النفوس كدرها وعن القلوب وجعها...
ومما جاء في تقديم الدكتور توفيق بن عامر للكتاب:
"وغني عن البيان ما لهذا الحدث من وقع في ضمير القارئ العربي وفي ضمير الأمّة العربية وفي ضمير الإنسانيّـة جمعـاء، وغني عن البيان أيضا ما يقتضيه الالتزام الأدبي من ضرورة التفاعل مع هذا الحدث وواجب التعاطي معه والمساهمة في توثيقه وتخليده واستخلاص العبرة منه.
وهذه الرسالة الأدبية قد اضطلع في القيام بها "زهر تشرين" على نحو روائي بالغ الأثر، فقد جاء هذا الإنتاج الروائي في شكل مجموع لوحات فنية ومشاهد سردية رُسمت بريشة قصّاص ذي مهارة نادرة في تصيّد المشهد بمختلف جزئياته وتلويناته ووصف دقائقه الظاهرة منها والخفية، وفي الحفر بعمق في أغوار المشاعر ومكامن الأحاسيس والانفعالات حتى لكأنّه قد عايشها وعاناها، وذلك لأنه قد استبطنها في ذاته وتعاطف مع من كابدها تعاطفا نشعر معه بما في مقاله من صدق وما في عباراته من شفافية."