يضعنا الفيلم في المحيط الاجتماعي الذي ما فتئ يدفع ببعض التونسيين إلى مغادرة البلاد خلسة نحو إيطاليا
من خلال الحياة اليومية لشخصيتين رئيسيتين، نغوص في الواقع المعيش مكتشفين أحوال الحياة الصعبة للمتساكنين والأسباب التي تنمّي داخل البعض منهم الرغبة في الهروب من قدرهم المحتوم.
حامد مصلح تلفاز في حي النور، رب عائلة تتكون من أربعة أطفال، اثنان منهم غادرا إلى إيطاليا، بينهما ابن فقد منذ 2011.
يتعامل الفيلم مع هذا الغياب للابن داخل عائلة حامد وداخل عائلات أخرى من نفس الحي، الأحداث المرتبطة بهذا الفراق غير المنتظر، والغيابات التي لا نهاية لها والفقدان الذي لم يحلّ بعد لغزه قد أنتجت كلها مآسي وأحزانا واهتزازات في الحياة اليومية لكامل أفراد الأسر، فالكثير أصبحوا سجناء نوع من الشعور بالذنب له عدّة ارتدادات مأساوية على حالاتهم النفسية والصحية والإجتماعية.
كلّ فرد منهم على طريقته الخاصة غاص في زوبعة من الأحاسيس، فتراه يمرّ بمراحل مختلفة وهي مراحل نعيشها بصفة عامة عندما ندخل في مسار مأتميّ أو عندما نفتقد شخصا مهما بالنسبة لنا.
محمد شخص كانت فكرة الهجرة إلى إيطاليا قد راودته لزمن طويل، لكنّه أقرّ الآن بالبقاء في أرض الوطن لكي يقتات من جمع القمامة في أكبر مصب للقمامة بمدينة تونس، مثله في ذلك مثل الكثير من الأشخاص، على مسار ثلاثة أجيال متعاقبة، لم تبق له إلا هذه المهنة لكي يبدأ حياة عائليّة جديدة مع شيء طفيف من الأمل.
يصور لنا الفيلم المحن التي عاناها محمد والمجهودات التي بذلها لكي يتحدى العقبات اليومية وذلك بعد مرحلة مراهقة قضّاها بين جمع القمامة في المصب وبين الجنوح والسجن.