ولعل وجه الطرافة في اللقاء المتزامن مع ائتلاف تعديل المشهد الحكومي تعدد المقاربات من مختصين في السياحة والبيئة والاقتصاد والثقافة والتعمير وغيرها التقوا حول أهمية المخزون ومقدرات البلد وحتمية تغيير نمط التعامل واكتسابه أكثر جدية ومسؤولية والتزاما الاستجابة لاستحقاقات مهمة وحارقة وصون مقدرات مهددة ومعطلة.
تطرح اليوم من جديد أسئلة البيئة من كل الزوايا والمنطلقات ويسعى كثيرون للظفر بإجابات شافية على امد قريب أو بعيد.
يطرح البعض الاشكال من زاوية تلوث عرضي في محيط مباشر ويحيل الحل للبلدية مطالبا بإزالة ركام فضلات وكلاب سائلة وحشرات..بينما يقرنها آخر بالتطهير مطالبا بتوسيع الشبكة وتحسين نسبة الربط وتعزيز درجة المعالجة وتكثيف المصرفات البحرية و...
ويلجأ آخر لطلب العدول عن سياسة الردم والتوجه فورا نحو الرسكلة والتثمين والمطالبة بتوفير شبكة الفرز الانتقائي للنفايات من المصدر واحداث منظومات لمعالجة النفايات باصنافها.
ويرى البعض أن المنظومة البيئية هشة ومحدودة الانتساب معظم مقوماتها العهد السابق وعدم قدرة الجبل الجديد من المسؤولين بعد إلغاء لبيب على ابتكار مشروع مختلف وبديل ملائم...
ومع التأجيل الغريب لتفعيل هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة واستمرار اعتبار البيئة قطاعات فرعية يلحق غالبا مع وزارات أخرى أو يكاد بحول لديكور او مصلحة مرتبطة لمصالح ضيقة...تتكرر أسئلة ملحة في الصيغ الأمثل لمقاربة البيئة وأحكام الطرح بعد نحو ثلاث عقود من أحداث وزارة اولى من نوعها في العالم العربي وخمس عقود على بعث اول جمعية بيئية.
وتطرح المسألة البيئة وسط ريبة وشكوك ومخاوف وانسحاب جل الخبراء والنشطاء الإعلام من الصفوف الأولى تفاديا للمسؤولية وربما لعدم الشعور والانخراط وتأكيد نوع من الغربة وسط ما يجري.
هل يجوز القبول بغياب سياسة متكاملة البيئة واستراتيجية متينة تنأى عن الأحزاب وتعلو تواتر الحكومات المتعاقبة ؟
هل يوجد مبرر لفقدان رؤية جامعة وخيارات واضحة متناغمة مبنية على تشخيص ودراسات واستشارات وطنية جامعة كالتي حصلت مثلا على امتداد سنة2014 ثم طويت مخرجاتها القيمة واةمدونة بويبفة عن ثمرات اسس التنمية المستدامة مع تغيير الحكومة مطلع السنة الموالية.
تلك بعض من مفارقات مجال كانت لنا فيه قبل 2011ريادة وإضافة على ما تبين من مظاهر فساد وغياب عنصر الحوكمة وإشراك المتساكنين وهي مؤشرات خلل واعراض علة تدعو لتحرك جماعي يرنو لتفادي الثغرة وتجاوز القصور في المنظومة بتوفير عناصر الرؤية وتركيز أسباب البناء المؤسسي المناسب لواقع بلادنا ودرجة وعي المجتمع.
هذه الرؤية المطلوبة يتوجب ان نكون تونسية لحما ودما ولا تقوم على مجرد تحديث تقني واستيراد مشبوه لأدوات وآليات واحداثات مالتي عرفتها خلال السنوات الخمس المنقضية والتي أنفقت فيها مليارات دون أثر ميداني يذكر.
حتى أن البعض اعتبر البيئة فضاء يختزن بممارسات بعض المحسوبين عليه نقيض صورته النقية.
ان المسار الطويل ومراكمات المنجز خلال عقود من عمل مؤسسات مهمة بميادين منها التطهير والنفايات وحماية البيئة والحيوان والشريط الساحلي وتكنولوجيا البيئة وما تحقق بعيد تأكيد إلحاحية التقويم في سبيل إعادة التصور واستكمال البناء السياسي والمؤسسة على أساس رؤية يشترك في تشكيلها اهل الذكر من المختصين والفاعلين من كافة المجالات والقطاعات المعنية.
سؤال يجب أن يطرح..
هل ندرك أن البيئة أولوية حياة وأمن قومي ومستقبل أجيال وشرط السيادة أم هي في مخيال سياسيينا مكمل وترف ولزوم ما يلزم لاستتباعات اتفاقيات دولية نحترمها عن مضض..
أين الخلل رغم كل ما تحقق؟
لماذا يتجاهل جل التونسيين أمورا بسيطة وبديهيات في قواعد حماية المحيط المشترك ومقدرات البيئة الجماعية ولا يتورعون عن استباحة الملك العمومي والغابي ويلوثون في غياب الرقيب؟
اين أسباب التربية وأين نظم الاتصال ومحركات التنشئة على المواطنة البيئية المؤهلة لتغيير الذهنبات وإعادة بناء المواطن المسؤول المدرك لأهمية البيئة والمنخرط في حركة حماية مقدراتها و دينامية ديمومتها؟
ليس لنا من عذر اليوم في مزيد التجاهل والتسويف واللامبالاة المجال البيئي مجال حيوي استراتيجي ومستقبل يتوجب التعامل معه بأكثر وعيا ومنهجية ترمب البناء رؤية وتشكيل سياسة بيئية وتوفير قدر من الاستعداد للإجابة وتوفير عناصر الحل والاشتراك في رسم مشروع مجتمعي وبرنامج استراتيجي قابل للتنفيذ وتجميد له طاقات الدولة
والمجنمع من أجل ترجمة إرادة الأجيال في تنمية مستدامة حقيقية تحفظ الموارد وتثمن المخزون الإيكولوجية وتكسب البلاد مقومات التطور والارتقاء على كافة الأصعدة ولكن باعتماد منظور يحترم ديمومة الموارد وتوازن الأنظمة الايكولوجية وقابلية الطاقات المتاحة للتجدد والتوظيف التنموي المدروس ضمن فلسفة الاقتصاد الأخضر والازرق والدائري والتضامني وعبر آليات مبلورة في اتفاقيات بيئية دولية.