ومنعرجا موعودا في طريق تقوية فاعلية اللبنة الاساسية للعمل البيئي المحلي
كما تزداد خلال الموسم الصيفي الأسئلة عن احتمالات تطور سلوك المصطافين واحترامهم لشروط النظافة في الشواطىء، وما جاورها من مدن وأحياء ساحلية، فالسلوك البيئي المسؤول ، لا يرتهن فقط لعيون رقيب، أو لسطوة أنانية تفرض تلبية الرغبة في الاستمتاع الفردي، واحترام شروط النظافة داخل البيت، وكأن الشارع والمحيط العام، تؤمه كائنات فضائية، أو تستوطنه أمم عدوة من صهاينة أو مردة وشياطين.
هي بعض من اسئلة تؤرق الكثيرين من أعوان النظافة، والساهرين على شؤون البيئة في الإدارة والجمعيات، وغيرها، بحثا عن أقوم المسالك لتعديل ما بداخل ألباب التونسيين، لتمضي حركاتهم اليومية تصدق ما وقر في قلوبهم من حب مزعوم لوطنهم، وتعهد معلن بأن تحول صورة البلد وتعدل حالها لأفضل حال
فالمواطنة البيئية ليست بديلا عن الهوية المحلية القطرية ولا القومية وهي واحد من ابعاد انتساب الفرد الايجابي تجاه بيئته لأمة من البشر المشابهة للكشافين من مريدي وأحفاد بادن باول صاحب حكمة (حاول أن تترك الأرض أفضل قليلا مما وجدتها عليه) بما هم عشاق الحياة والنشاط في الخلاء فلا يجرؤون على إيذاء نبتة أو شجرة، والناشطين البيئيين الذين يراعون قاعدة أن الجيل الحالي يستلف الأرض من أبنائه وأحفاده، ولا يرثها عن آبائه وأجداده، والمتقين المراعين لأمانة استخلاف الباري للبشر على الأرض,,
وهده المواطنة الحية المسؤولة ليست مفهوما مبهما وشعارا أجوف من قبيل كليشيهات للتنظير ومراكمة المصطلحات المفتقرة لمضامين واقعية تحققها وتسند شرعيتها في الوجود، وهي مواطنة بيئية محلية يعيش عليها جل متساكني المجتمعات الغربية، لاعتبارات ودواع كثيرة تخص الثقافة العامة السائدة، والإلزامات الترتيبية والقانونية ومراكمات تجارب وإسهامات وتضحيات وحركات أجيال من الناشطين والمثقفين والمربين والمشرعين وقادة الرأي وأصحاب القرار مجتمعين.
فالمواطنة كنظام للفكر والسلوك تستجيب لمتطلبات صون مكونات البيئة المباشرة، كونية تقررها أشكال القرار الأممي كما نرى في منتديات المناخ وغيرها حيث يتوافق قادة العالم حول خيارات والتزامات وخطط عمل تكرس اندراج سياساتهم القطرية القومية والعالمية في سياق الحفاظ على ما تبقى من أسباب حياة البشرية بأجيالها الراهنة واللاحقة، وهي وطنية أو قطرية، تخص الفاعلين في بناء السياسات والبرامج القطاعية والمشروعات الهامة، كالبرامج الدراسية ومخططات المدن، والقرارات الحادة من التلوث الناجم عن نفايات بعض الانتاجات ومنها على سبيل المثال الأكياس البلاستيكية \ذات الاستعمال الوحيد، والوقود التقليدي، والبناء الأفقي، والصناعات الملوثة أو المستنزفة للمياه وغيرها...
في نفس السياق نشطت مبادرات سابقة منها مشروع للحي البيئي أطلقته قبل أربع سنوات جمعية تنمية 21 وسعت لتنشيط انخراط مجموعات سكانية بمختلف الجهات لتجميع السكان كمواطنين يشعرون بالمسؤولية تجاه المحيط المباشر المشترك فيسهمون في عدد من الواجبات البيئية التشاركية ,,
وفي هدا الاتجاه تنشط مئات الجمعيات والمجموعات السكنية بقيادة نخب وناشطين في كل المناطق والجهات من أجل نشر ممارسات فردية وجماعية صديقة للبيئة، من اللوك تجاه الفضلات المنزلية كالفرز الانتقائي على طريقة جمعية تونس للرسكلة بالضاحية الشمالية، تجنب الالقاء العشوائي للفضلات، والتوعية بأهمية المشاركة الجماعية في معاضدة المجهود البلدي مثلما أنجزته جمعية (نحميو بيئتنا برواد من تجميل لحاويات القمامة) وتعبئة مساهمة المتساكنين التلقائية في العمل التطوعي البيئي كما صنعت مبادرتا (فايقين لبيئتنا وننظف نهجي ونستحفظ عليه) وتشريك مواطنين في تحويل نقاط سوداء لحدائق غناء كما في قليبية وتقوية مساهمة المتساكنين في التكفل بنظافة وجمالية الأنهج والأحياء كما في المعمورة والمروج، وغيرها.
ومن مدلولات تلك النمادج الإيجابية وجود حد أدنى من يقظة ضمائر تونسية مدركة لضرورة التحرك البيئي من الأسفل والقاعدة، من البيت والنهج والحي، فما حك جلدك مثل ظفرك والسلط البلدية والمركزية هي امتداد وجزء من إرادة جماعية تتشكل وتعكس إرادات وتلاقي الأفهام والقدرات المحلية والجهوية التي تتجمع لتصوغ أشكالا من الفعل والانجاز تتحدى عقليات السلبية والترقب واللامبالاة، وترسم خطوات نحو تأسيس مواطنة بيئية تستند لقومات من القيم الأساسية النبيلة المستبطنة في نفوس التونسيين كالنظافة وعلاقة العمل البيئي بالايمان وابتغاء الاجر، ونبل المساهمة في خدمة الشأن العام، وإلزامية التعاون للحفاظ على المشترك للبقاء ولاستمرار الحياة مع الاجيال القادمة.
المواطنة البيئية سواء كانت محلية أو وطنية أو حتى كونية مسار ودينامية تثريه مجهودات فردية وجماعية، تتجه مشاريع جديدة للهياكل البيئية مع المجتمع المدني مزيد تنميته عسى أن تكون في الأفق المنظور تمظهرات فعلية لنمو عقلية وسلوك بيئي رشيد يليق بالتونسي وبحضارته العريقة ومستوى طموحه ورقيه الخلقي والثقافي الحديث.