وصمود الهياكل وتجند العاملين في حقلي النظافة وحماية البيئة..
ملاحظات الزوار المنصفين، بغير نفاق، ما تزال بلادكم بحاجة للمسة بيئية تمحو أسباب الخلل والتلوث..
وشكاوى سكان المناطق المنكوبة من سنين بتنمية لم ترع مقومات الاستدامة، مثل قابس وقفصة وصفاقس تعلن أن البشر هناك ما زالوا يرتقبون القطع مع زمن التلويث الممنهج تحت غطاء العاجل الاقتصادي واستحقاقات النماء.
أشكال كثيرة من غياب المواطن كفاعل بيئي، تؤكد استمرار الخطر..
ومظاهر في محيط الأحياء,,منها تفاقم ظاهرة الكلاب السائبة التي باتت خطرا واضحا على سلامة الناس..تدل على حتمية تغيير نسق العمل وتعديل منظومة الفعل البيئي بعيدا عن الآنية والتدخل الفوقي العرضي والعابر..
لا تسامح بعد الآن مع كل استهتار بحقوق الأجيال..
لا خطيئة تعدل جرم فرد جشع أو مجموعة أنانية تدمر نظاما بيئيا وتلوث وسطا أو تخنق مقومات رفاه المجتمع بأجياله الحاضرة والقادمة..
متى يقول الضمير الجمعي كلمته صدا للإخلال، وضبطا لنتوءات المتفلتين من إرادة المجموعة تكريس مشروع بيئي جامع يعيد رسم ملامح تونس الخضراء؟
خلال أسابيع، وبعد أكثر من خمس سنوات عن صدور دستور الجمهورية الثانية، تستكمل المؤسسة التشريعية البرلمانية النظر في مشروع هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال، بتأخير يشي بنظرة قاصرة للمسألة البيئية، وقراءة محدودة لمنزلة مجال مصيري واستراتيجي يرتهن له مآل الدولة والمجتمع ومستقبلهما.
وتستكمل هذه المرحلة التأسيسية للهيئات الدستورية، والمجال البيئي يعاني وطنيا، من غياب الرؤية، وتراجع الاهتمام وضعف التمثل عند عامة الناس، في ظل استمرار فقدان، منظومة للتنشئة البيئية، على المواطنة، ومقومات السلوك البيئي المدني والحضاري.
كما تتزامن هذه المرحلة مع استمرار اندراج البيئة ضمن قطاع آخر، من قطاعات الإدارة والدولة، وهي الجماعات والشؤون المحلية، وهي وزارة كان يديرها رئيس الحكومة الحالي، وهو ما قد يبرر سر الوضع الراهن للحقيبة، قبل أن يضاعف حجمها في هيكلة الحكومة الحالية، وهي وإن بدت، ترقية، لا ترقى لمنزلة البيئة، بما هي قاسم مشترك ومنطلق سياسي لتكييف باقي السياسات القطاعية وتدخلات المؤسسات والهياكل والأجهزة، لا يمكن أن تكون تابعة لأي قطاع أو جهاز أيا كانت قيمته وأهميته.
وتشير التجارب العالمية الناجحة لتوافر هذه الأضلاع الثلاث، الإطار التشريعي المناسب، المجهود التواصلي المجتمعي الضامن لحيوية ضمير بيئي جمعي فعال لتقوي السلوكات الفردية والجماعية، وهيكلة إدارية تضمن استقلالية المؤسسة البيئية لضمان علويتها وملامستها لكافة المتدخلين، وفاعليتها في التوجيه والتعديل والتصويب وحتى التقويم والردع.
في انتظار تقويم الاعوجاج، وتدارك ما فات، وإفراد البيئة بوزارة أو هيئة تعلو الجهاز التنفيذي، أو وكالة بيئية كما في الولايات المتحدة، تظل "دار لبيب" القريب اليتيم، وحلمه مؤجلا ليوم عودة لبيب للضمائر، وتحقيق حلم جيل من البيئيين في لفتة جماعية فعالة تعيد ترتيب البيت، وتحل المجال(لا الاقطاع) مكانته، خدمة لصالح المجتمع ونمائه، واحتراما لحقوق الأجيال.