غابات خمير: بحث أكاديمي مختصّ حول استرجاع أنفاس الأشجار بعد الحرائق

بعد 14سنة من البحث قدّم الباحث يوسف سعيدي وهو دكتور بمعهد الغابات والمراعي بطبرقة أطروحة بعنوان»

ديناميكية غابات خمير بعد الحرائق» تضمّنت بين دفتيها عديد المعطيات المهمّة رقميا وتحليلا لظاهرة الحرائق التي تجتاح جهات الشمال الغربي من خلال الحرائق التي شملت منطقة خمير وتحديدا بولاية جندوبة وممّا جاء في هذه الأطروحة أن الحرائق تدمّر سنويا المئات من الهكتارات من الثروة الغابية المتنوعة بولاية جندوبة وهو ما حفّز على البحث في هذه الظاهرة وإيلائها الأهمية البالغة من جميع النواحي وخاصة بالبحث في مدى تأثيرها على تجديد الغطاء النباتي وإذ تتنزّل هذه الأطروحة في هذا الإطار فإن صاحبها اهتم بمخلفات الحرائق على الثروة الغابية وخاصة منها الزان والفلين ليقف على حقيقة مرّة وهي أن الحرائق ظاهرة معقدة من حيث انتشارها وطريقة فعاليتها وآثارها على البيئة.

وخلال دراسته للوضع الحالي لغابات البلوط المحروقة بجهة خمير أشار الباحث إلى أن هذا الوضع نتجت عنه ديناميكية جديدة تتمثل في القدرة على تجديد الأشجار المقطوعة حسب العمر وحجم الجذمة فأشجار الفلين والزان المحروقة مثلا وحسب ما أشار"إما أن تستأنف بسرعة أو تتلف نهائيا " كما اعتبر أن الحريق يمثّل عاملا أساسيا في تنشيط القدرة على إحياء الأشجار الصغيرة كما أن الأنواع التي تتكاثر بواسطة البذور هي الأولى التي تنبت إثر الحريق ثم تعوض تدريجيا بتكاثر بواسطة الجذمات في أجل لا يتجاوز 10سنوات إذ تنمو أشجار طبقة الشجيرات والأعشاب تحت أشجار الزان وعلى العكس فإن نسبة تغطية طبقة الأشجار التي تساعد الحرائق على الانتشار السريع للنباتات المتسلقة حتى في حالة تكرر الحرائق.
كما جاء في هذا المبحث الأكاديمي المختصّ ان الأنواع التي تتكاثر بسرعة بعد الحرائق والتي تنتج بذورا كثيرة تمكنها من الانتشار وتغطية المساحات هي الأنواع الشمسية وأكثرها يعتبر من خصائص الغابات الأصلية للفلين أما الأنواع الأخرى فهي حمضية شمسية تنتشر بقوة بعد الحريق كما بيّن الباحث أيضا أنه عند تحليل طبقة الشجيرات هناك أنواع لها حساسية ضعيفة للحرائق وأنواع تتكاثر بالجذامات ولها إمكانية سريعة في النمو من جديد وأخرى تتكاثر بالبذور وتتمكن من تغطية المساحة المحروقة ذلك أن النار تساعد على انتشارها أما بالنسبة للطبقات العشبية فان النتائج المتحصل عليها بين غابات الزان والفلين متقاربة ويعتبر نموها متميزا بصفة خاصة بعد الحرائق

كما بين الباحث يوسف سعيدي أن نوعية التربة لا تتغير كثيرا بعد الحرائق فالحرارة المنبعثة من ألسنة النيران لا تدمر المواد العضوية بالطبقات الأرضية ولا تمس بنسبة النتروجين أو تغير دينامكية تكوينه كما أن الطبقات العميقة أغنى بقليل من الطبقات السطحية فالتسميد المعدني للتربة بعد الحريق يتجاوز الطبقة السطحية ونسبة النتروجين المعدني للتربة مرتفع فيها
واختتم الباحث رسالته بالإشارة إلى أن الاتجاه العام يبين أن الحاصل كربون- نتروجين في الطبقات السطحية والطبقات غير المحروقة هو أفضل من التي حرقت أما النشاط البيولوجي في طبقات أرض غابات الزان فهو نوعا ما أضعف من تلك التي سجلت في غابات الفلين وهي أقل من 3% في كل الطبقات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115