على معالمنا الثقافية وإرثنا الحضاري وما ألحقته أيضا من خسائر في الأرواح البشرية . ومن بين الجهات التي لحقها هذا الضرر جزيرة قرقنة .
«المغرب» التقت بالأستاذ صابر السويسي رئيس جمعية النخيل للتراث القرقني فكان هذا الحوار :
هل بالإمكان إفادة القراء بحجم الإعتداءات على المعالم الأثرية بجزيرة قرقنة ؟
تدين جمعيّة «النخيل للتراث القرقني» الاعتداء الهمجي السّافر الذي طال أحد أعمدة التراث الوطني بجزر قرقنة «لود بورقيبة»/النجاة، الذي يجسّد صفحة مضيئة من صفحات الحركة الوطنيّة وأحد عناوين الصمود لأهالي قرقنة ضدّ الاستعمار الغاشم وإسهامهم الكبير في معركة التحرّر الوطني. حيث أقدمت أيادي الغدر الآثمة يوم 3 أوت 2015، وفي غفلة من الجميع، على حرق ما تبقّى من لود بورقيبة/النجاة، محدثة في نفوس الأهالي وفي كلّ ضمير حيّ في هذا الوطن حرقة عظيمة على صفحة مجيدة من التراث الوطني والبحري أكلتها ألسنة اللهب ولا أحد من الأطراف الرّسميّة حرّك ساكنا ليحول دون وقوع هذه الجريمة النكراء.
هل تم إعلام السلط المعنية بهذه التجاوزات التي طالت المعالم الأثرية بالأرخبيل ؟
إنّنا في «جمعيّة النخيل للتراث القرقني»، إذ ندين هذا الاعتداء الهمجي السافر على هذا المعلم الثقافي، نؤكّد أنّه ليس الأوّل من نوعه، فقد رصدنا في مناسبات عديدة اعتداءات مماثلة على عدّة معالم تخصّ تاريخ الأرخبيل وتراثه وذاكرته بما فيها «لود بورقيبة»/النجاة نفسه الذي راسلنا بخصوصه، وبتاريخ 2/ 9/ 2012 كلاّ من المتفقّد الجهوي للتّراث ومعتمد قرقنة ومنطقة الأمن الوطني بقرقنة، وقد أتينا في مراسلتنا على وصف الحالة المزرية التي كان (ومازال إلى اليوم) عليها هذا المعلم الثقافي، حيث بقي مهملا مهمّشا طيلة سنوات ضربا لرمزيّته الثقافيّة وذلك لأسباب سياسيّة يعلمها الجميع خلال فترة النظام البائد، فكان عرضة لكلّ أشكال الانتهاك سواء بفعل العوامل الطبيعيّة إذ ظلّ لسنوات طويلة بلا صيانة، أو بفعل البشر حيث حوّلته زمرة من المتسكّعين إلى وكر لممارسة كلّ أنواع الرّذيلة.
هذا، وقد طالبنا الأطراف التي راسلناها في الغرض بالعمل على إنقاذ هذا المعلم الثقافي المهدّد بالاندثار، ونبّهناها من مغبّة تواصل هذا الوضع المزري الذي ينبئ بمستقبل مجهول لهذا المعلم. كما حمّلنا هذه الأطراف مسؤوليّة ما يمكن أن يقع من جرائم في حقّ ذاكرتنا الوطنيّة إذا ما تواصلت سياسة الآذان الصّماء أمام صيحات الفزع التي يطلقها المهتمّون بالتراث في الأرخبيل.
ما هي الحلول التي تروها لإنقاذ ما تبقى ؟
والآن، وقد وقعت الكارثة، فإنّنا نجدّد تحميل مسؤوليّة ما وقع لكلّ الأطراف الرّسميّة المعنيّة بحماية التراث الوطني المهدّد، ونطالبها بـ:
- فتح تحقيق جدّي في الجريمة النكراء التي طالت «لود بورقيبة»/النجاة.
- محاسبة الجناة الضّالعين في هذا الاعتداء، من قصّر ومن دبّر ومن نفّذ.
- اتخاذ كلّ التدابير الوقائيّة اللاّزمة حتّى لا تتكرّر مثل هذه الاعتداءات الهمجيّة على معالم ثقافيّة أخرى بقرقنة، علما وأنّ معظمها مهدّد هو الآخر بالاندثار.
- ترميم موقع «لود بورقيبة»/النجاة وإعادة بناء نموذج اللود، بالتعاون مع الخبراء والمختصين في هذا المجال، باعتباره أحد أعمدة التراث الوطني والبحري بقرقنة.
- إعادة الحياة لهذا الموقع وإدراجه بشكل جدّي، مع مواقع ثقافيّة أخرى، ضمن مسلك سياحيّ ثقافيّ، حتّى تسهم هذه المواقع بدورها في التنمية المحليّة في قرقنة «