إضاءة: جناح «أخضر» خارج السرب هل حانت ساعة البيئة-الحقيقية، ام ليس بعد؟

البعض يعتبر ان المشاكل الراهنة والاستحقاقات اجتماعية بالأساس، ولا داعي لتعكير صفو الناس وتشويش

بوصلة الفاعلين وصناع القرار بمطالب بيئية تعد من قبيل الديكور والجماليات والترف..
هكذا؟

لا يقر البعض بأهمية ذلك الديكور ويحرصون عليه إلا في بيوتهم وحدائقهم، يزينونها ويحرصون على تجميلها واستكمال لزوم ما لا يلزم من مساحيق وزخرف.
قبل فترة وقف المبتكر الايكولوجي بدر العلمي مصمم التحف والأثاث من الكرتون المرسكل يحاول جاهدا إقناع جمهور أحد الصالونات بمزايا مصنوعاته، ليسأل أحدهم هازئا عن مآلها في حال نزول مطر..لم يتأخر الرد، مستحضرا مزايا التثمين واعتماد المواد القابلة للتحلل،ومن ثم تقليص استخدام المواد الكيماوية، وما يترتب عنها من أمراض وراثية وتشويه للمواليد وتقليص للأعمار وتوسيع للائحة أمراض العصر وثيقة الصلة بالتلوث ومنها السرطان والعقم.

كم يلزم من مناصر للقضية البيئية، مؤهل للتحرك والإقناع بالقول والفعل منحاز للخيار البيولوجي الصعب؟
مثال الصالون السنوي للبناء الايكولوجي، والسعي بكل الوسائل والسبل لطرح البديل العقاري الأخضر والمستدام، كنمط مستقبلي لا مفر منه لضمان ديمومة البشر على الكوكب مع ضمان الرفاه وترشيد استهلاك اسباب الحياة والبقاء،هو نموذج آخر لتجديف ضد التيار، يتزعمه المختص في المجال فوزي العيادي، القادم من عوالم المال والمحاسبة والاقتصاد، لقطاع الشؤون العقارية، بخبرة متفردة زاوجت بين المصلحة والمؤشرات النقدية، وبين التعمير والتخطيط الأنجع لمدن وأحياء تحمل البصمة الايكولوجية، مع مقدار مضاعف من الابتكار والتجديد وجودة الحياة.

وتؤشر مضامين الدروات الاحدى عشر للصالون ووتائر الإقبال ونسق الحضور ومستويات الدعم لنسبية الاهتمام القطاعي والعام بمثل هذا المجال، الذي يعتبر من المعالم الرمزية اللافتة في تطور المدينة في العالم، رغم تعدد مظاهر النمو الكمي والنوعي لمجال يعتبره الكثير من المختصين جازمين، وبينهم المعماري الايكولوجي المختص لطفي رجب، أفق المدينة المحتوم.

في فرنسا لم يمر انسحاب وزير البيئة نيكولا هيلو من الطاقم الحكومي مرور الكرام، وقرأ فيه الكثيرون عجزا عن تمثل لغته وفقه مدلولها.
لا تزال الكثير من الرسائل والنداءات من شخصيات كبرى وقادة رأي وخبراء ومختصين في قطاعات متصلة بالتنمية والاقتصاد والصناعة وغيرها، يتردد صداها، وتحقق بعض النجاح في لفت الانتباه، واستقطاب من يبدي الاهتمام والالتزام، بتغيير السلوك وتعديل نمط الحياة والانتاج والاستهلاك، غير أنها تظل أقلية.
ما هي نسبة المقبلين على المنتوجات البيو عندنا؟

كم عدد البناءات الايكولوجية في تونس؟
ما هو عدد الحدائق التي أنشأها مواطنون خارج منازلهم، لفائدة العموم، باستثناء حديقة الميموزا التي أحدثها من ربع قرن ويتعهدها الناشط منصف بسباس؟

أسئلة كثيرة تطرح نادرا، وقافلة المعيش اليومي تسير..
ليظل البيئي والأخضر والإيكولوجي في حياتنا استثناء..

في انتظار تبدل الحال، قد يعزي البيئيون النفس في حالات محبطة، ب..لا نبي في قومه..
وقد يلتمسون المواساة في مثل فرنسي مؤداه :أطرد الطبيعي يعود لك ركضا

Chassez le naturel, il revient au galop

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115