يبدو للأشجار وسط استغراب واستهجان عام.
وسجل في الأثناء قطع فجئي لأشجار في جوار مقر لإدارة معنية بالبيئة في ولاية وسط البلاد، وقطع شجرة وارفة وسط ساحة بمعهد في منزل بورقيبة، وغيرها من أشجار كانت تزين ساحات وطرقات، تم حذفها من الخريطة وإلغاء وجودها، في تحد صارخ وتحرك ضد التيار.
وأيا كانت إجابات الجهات المعنية، إن تسنى تحصيلها عند طرق الباب، فللتذكير فإن من أضرار قطع الأشجار وتأثيرها على البيئة التسبب بتلوث المياه الجوفية وذلك بسبب سهولة تسرب النيتروجين إليها عبر طبقات الأرض وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري، أي احتفاظ الأرض بالحرارة مما يسبب ذوبان الثلوج على الأقطاب مع فقدان التنوع الأحيائي من خلال القضاء على مواطن الكثير من الكائنات الحية التي تعيش في الأشجار بشكل مباشر مثل السناجب والطيور أو في التربة التي تثبتها جذور الأشجار، فبعض هذه الكائنات قد تهاجر من موطنها بحثاً عن موطن آخر مناسب أو قد تموت بسبب عدم قدرتها على التأقلم مع البيئة المحيطة.
تنضاف لذلك زيادة تلوث الهواء بسبب زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون التي تعلق في الجو ونقصان كمية الأكسجين التي تستخدمها الكائنات الحية في التنفس.
علاوة عن زيادة انتشار ظاهرة التصحر، حيث يسبب قطع الغابات إلى زيادة انتشار المناطق الصحراوية على مساحات شاسعة.
كما تسبب فقدان مظهر من مظاهر الترفيه، فالإنسان يستخدم الغابات للتنزه والترفيه عن نفسه بما يسمى بالرحلات الجبلية أو الغابية ولكن مع زيادة قطعها تصبح المواقع جرداء ولا مجال للرحلات البرية فيها.
ويؤدي قطع الشجر لتضرر الاقتصاد بسبب قلة توفر المادة الخام للكثير من الصناعات مثل الأخشاب والألياف.
كما يتسبب في افتقار التربة للعناصر المهمة نتيجة تعرضها للجفاف.
ويسبب زيادة فرصة تعرض المناطق المحيطة بالغابات للفيضانات.
وفي المقابل تتمثل في توليد الحرارة، فقد قام الإنسان منذ قديم الزمان بتقطيع الأخشاب الجافة من أشجار الغابات وحرقها للحصول على الحرارة.
كما تتمثل في بناء البيوت، فقد استخدم الإنسان الأغصان والأخشاب لبناء البيوت التي تحميه من حر الصيف وبرد الشتاء.
وتضمن الأشجار تغذية الجو بالأكسجين، فمن خلال عملية البناء الضوئي التي تتم في الأوراق عن الأشجار فإنها تقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون الضار وإنتاج الأكسجين، وهذا الأكسجين تستخدمه الكائنات الحية في التنفس.
وتضمن الأشجار الحصول على العديد من الصناعات مثل الورق والأثاث، فبعد تطور احتياجات الإنسان وتزايدها فإنه احتاج إلى استخدام أخشاب الأشجار لصناعة الأثاث، وكذلك تم تصنيع الورق من لحاء الشجر، ويتم صناعة التحف والتماثيل وأواني الزينة المختلفة.
كما تؤمن تثبيت التربة، حيث أن الجذور تساهم بثبات التربة وعدم تأثرها بالعوامل الجوية من أمطار ورياح عاتية، كما تعمل الغابات كمصدات للرياح في كثير من المواقع مما يخفف من آثارها السلبية.
لأجل ذلك توجب تخلي بعض الهياكل عن سلوكها الغريب تجاه هذه المساحات الخضراء والأشجار التي بذلت جهود ومرت عقود وربما قرون على سيرورة نشأتها ونموها، وبالنظر لخصائص بلد يشكو مخاطر التصحر الذي يشمل نحو ثلثي مساحته.
وبالنظر لانتصاب مجالس بلدية جديدة ممثلة للمتساكنين توجب إيلاء العناية الجدية لمسألة التشجير والحفاظ على الثروات المتوفرة ، وتجنب أي ضرر أو تقليص لهذه الثروات أيا كانت التعلة والاعتبار.
وموازاة مع هذا الالتزام، توجب تنظيم مبادرات طوعية وفعاليات توعية وتنشيط، في انتظار استئناف النشاط الدراسي لبعث نواتات لأنشطة ومبادرات لتغذية ثقافة الحفاظ على الشجرة وغراستها واحتضانها.
كما توجب تكثيف اشكال التشاور وتشريك جمعيات المجتمع المدني قبل أي مخطط لقلع أشجار، واعتماد آليات الشفافية والإعلام عن كل قرار أو تدخل سواء لقطع أو لإنجاز عمليات تشجير تفاديا لأية مظاهر وردود فعل غير ملائمة.