إضاءة: وضوح الرؤية..لجودة الفعل والأداء

تعرف تجارب البلدان العربية في مجال السياسة البيئية والتكيف مع متطلبات الاستدامة،

والانضباط للمعايير والمؤشرات الدولية، بما فيها متجهات التنمية السبعة عشر المرسومة حديثا لأفق 2030، تفاوتا وتأرجحا، بين الجدية في تعديل الأوتار وتوحيد الصف والتزود بما يكفي لبلوغ الهدف، والاستهانة بتلك الأغراض على خلفية النظر المشكك في أولوية التنمية المستدامة، وصولا للتحرك وفق أداء «لزوم ما يلزم» لإظهار الانتماء لمنتسبي المعنيين بمسار حماية البيئة ليس إلا.

وتعمل جهات عربية، منها على سبيل المثال إمارة أبو ظبي، وفق تقارير هيئتها الرسمية المعنية بالبيئة، على تنفيذ سياسات دقيقة مرقمة وذا ت مؤشرات محددة لبلوغ اهداف التنمية المستدامة في آجال محددة وتركز “رؤية أبوظبي البيئية 2030” التي أطلقت قبل ست سنوات على تقييم الوضع الراهن للبيئة في الإمارة ووضع السيناريوهات المستقبلية، وخطة العمل التي من شأنها معالجة القضايا البيئية ذات الأولوية، فضلا عن إعداد تحليل مفصل للوضع المؤسسي الحالي، بما في ذلك تحليل الثغرات والتوصيات وأفضل السبل لمعالجة تلك الثغرات.
وقد أعلنت بلادنا اندراجها في مسار أجندة 2030 وبذل ما يلزم لترجمة خططها وتكييفها لتلك الأهداف وتقديم ما يؤكد هذا الالتزام في موعد موعود هذه السنة.

ورغم أن هياكل البيئة، ليست مستقلة بذاتها، وإنما ضمن هيكل قطاعي من بين وزارات أخرى،بما قد يحد من قدرتها على التأثير في باقي المؤسسات والهيئات، فإن التجربة الراهنة تحيل لواقع مشابه، عرفته الممارسة البيئية المؤسساتية في ظل ثلاث حالات سابقة من الإدماج مع الفلاحة(مرتين) والتجهيز(مرة واحدة) لم يتم تقييمهما بشكل موضوعي قبل اتخاذ قرار ملاءمة وضعية الهيكل المعني بالمسألة البيئية مع التنمية المستدامة.

من أين يأتي المشتركون في تنفيذ مخططات البيئة، ويسهمون بقدر من الالتزام والمسؤولية في تحقيق قسطهم في أهداف خطط التنمية المستدامة للبلد، إذا لم تكن في الهيئات المعنية سلطة افقية ملزمة تملك قدرا من القدرة على التوجيه والضبط والإنفاذ؟
كيف تبنى السياسة، ومن اين تستمد مقومات نجاعتها ونجاحها، في غياب تمثل مختلف الفاعلين لأبجدياتها وعناصرها؟

أوليس الأولى ، في انتظار مراجعة وضع الهيكل البيئي في السلطة التنفيذية نحو مزيد من تحريره لتعزيز قدرته على التحكم في لوحة قيادة المسار على المستوى الوطني، لا في مجال نظر الهيكل-الوزارة كقطاع أحادي، العمل على إطلاق مسار تفكير جماعي لوضع رؤية شاملة واستراتيجية تشترك فيها كافة الجهات الفاعلة، من أجل تشخيص واقعي للإشكاليات، والاحتياجات، ورسم الأولويات والمشاريع، وفق المتجهات الوطنية والأممية للتنمية المستدامة.

المهمة ليست واجب الموظفين بوزارة وحيدة، وهي تعني كافة الهياكل والمؤسسات الوطنية من معهد الدراسات الاستراتيجية ،لوزارة الدفاع حتى الثقافة والتربية، وغيرها من هياكل ومكاتب دراسات وخبراء ومفكرين وأكاديميين وناشطين.
وفي المجتمع المدني مخزون كبير من المبادرات والرؤى والطاقات المتوثبة للاشتراك في ورشة كبرى لصياغة ما يشبه خارطة طريق، تعزز المسار الواضح المتخذ من الدولة بعد ثورة جانفي 2011، دون أن يترجم بوضوح لاستراتيجية ذات آجال ومؤشرات لتنزيل الأهداف وتكريس التعهدات وتحقيق الانتقال البيئي في مواعيد محددة معلومة.
أسئلة وأفكار طرحت مؤخرا في ورشتي التخطيط الاستراتيجي لمشاريع شبكة جمعيات البيئة فايقين لبيئتنا، في سياق البحث عن خط عمل ومعالم هوية وبنية مشروع يمكن أن تقدم به هذه الشبكة الوليدة إضافتها للواقع البيئي والتنموي، ولا تقتصر على مجرد حضور شكلي وإضافة عدد لمجموع الجمعيات والجامعات والشبكات المتراكمة في المجتمع في تونس بعد الثورة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115