هل من القوانين والتشريعات الدقيقة الصارمة؟
أم بالترغيب والحوافز والتشجيعات
أو بالزجر والترهيب والخطوط الحمراء.
أم بترسانة مؤسسات وهياكل وأعوان رقابة و...
كل ذلك وأكثر، مطلوب لتشكيل نسيج متماسك من الوعي للسلوك حتى تخريج الجسم البيئي المأمول.
فالأهم دون شك وقبل الاجراءات والحملات والبرامج والمشاريع ، تحريك السواكن وبذر الحس البيئي لدى النشء قبل بلوغ سن اللاعودة.
فالتربية البيئية كرافد للتنشئة هي المفتاح وأم الحلول والمداخل لإعداد جيل مسؤول ينطوي على روح المواطنة البيئية.
من المدرسة وحتى المحاضن تنطلق رحلة البناء الأولى.
ومع المربين ومدرسي الناشئة تولد إرهاصات الحلم الكبير.
في مراحل التنشئة والتربية وعبر فضاءات التعليم والأنشطة اللانظامية تكمن فرص تبرعم القيم والمبادىء والمثل التي تحدد مستقبل الأجيال وتضبط معالم رؤيته ومتجهه وسيرته في الحياة.
وممارسات التلاميذ مثلا لأنشطة بيئية تطبيقية ومعايشة للطبيعة بكافة تمظهراتها وتفاعلهم معها أفضل مئات المرات وأنجع من التلقين بالحملات والوعظ المباشر للكهول والمسنين.
والمصاحبة بأعمال نظافة وتشجير وغيرها للأطفال في مراحل مبكرة لها وقع أكبر بكثير خاصة إذا ما انبنى على منهج ودراسة مسبقة يفوق مدى وأثر التظاهرات والأنشطة الاستعراضية وحملات إزالة بعض آثار التلوث.
إنه التهيئة الوقائية المبكرة والتلقيح المجدي ضد أوبئة الانحراف واخلالات السلوك الفردي والجماعي المحتملة.
لذلك ينطوي مشروع التربية البيئية على درجة عالية من الخطورة وتركيزها المنهجي ضمن استراتيجية شمولية وبعيدة المدى يمكن أن تهيئ لحل جذري لمشاكل لا حصر لها يمكن تفاديها في مجتمع العقود المقبلة.
حين يخصص المدرسون ثلاثة ايام مثلا في السنة يشارك فيها مليونا تلميذ في أعمال تنظيف وتشجير وتعهد للغابة وغيرها من أنشطة استكشاف المنظومات البيئية وحماية مخزونها سيحمل المستقبل في أحشائه بذرة أمل في احتضان تلك الكنوز وصونها للابد
وسيلقن الكبار أبلغ الدروس ويسيرون على نهج بنيهم في احترام التوازن البيئي وصون الطبيعة لأجيال تونس القادمة.
الورشة الكبرى المرتقبة ليست حضيرة أشغال في أنهج ومصبات عشوائية وأودية إنها تقع داخل نفوس وضمائر وأذهان ورؤساء المشاريع والاشغال والمقاولات هم مربون وبيداغوجيون متفقدون واتصاليون وسينمائيون وخبراء علم نفس واجتماع...
كلهم مطلوبون للتعاون في رسم معالم مشروع مستقبلي واعد ببناء جيل نقي الأسارير سليم الذوق وثيق الانتماء لأرضه وحضارته، ناشئ على حب بلاده بكافة نفائسها متوثب لحمايتها وتثمينها والنهوض بها.
النشء والشباب وحسن تربيتهم على قيم المدنية والتحضر واحترام الممتلكات والخيرات المشتركة طريق سيارة موصلة إلى آفاق النمو والرقي والاستدامة.