كشفت وزارة المالية يوم أمس عن تفاصيل التعديلات التي أدخلت على قانون المالية لسنة 2022 وذلك ضمن تقرير يتضمن أكثر من ثلاثين صفحة وقد طرأت عدة تغييرات على مستوى قانون المالية الأصلي على غرار تعديل نسبة النمو المتوقعة من 2.6 % إلى 2.2 % والترفيع من حجم نفقات الدعم وميزانية الدولة .
لعبت الحرب الروسية الأوكرانية منذ اندلاعها مع مطلع العام الحالي دورا مهما في التغييرات التي طرأت على مستوى قانون المالية الأصلي ،حيث قالت وزارة المالية أن الأزمة الروسية-الأوكرانية التي عرقلت التعافي من جائحة كوفيد-19 وتبعاتها وأصابت الآفاق الاقتصاديـة العالميـة بانتكاسـة جديدة وكسائر بلدان العالم، تأثر الاقتصاد الوطني من الأزمة حيث أدت هذه الأخيرة إلى ضغوطات إضافية على توازنات المالية العمومية بالعلاقة مع الارتفاع الحاد في أسعار النفط والمواد الأساسية في الأسواق العالمية، إضافة إلى إرباك سلاسل التوريد وانتظام تزويد السوق الداخلية بالمواد الأساسية.
وتبعا للمستجدات الآنف ذكرها وبناء على نسق تنفيذ ميزانية الدولة خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي ،فقد تمت مراجعة الفرضيات المعتمدة عند إعداد قانون المالية لسنة 2022 خاصة المتعلقة بالنمو وأسعار النفط والمواد الأساسية وسعر صرف أهم العملات الأجنبية خاصة الدولار ضمن قانون مالية تعديلي لسنة 2022.
ومن ضمن الأرقام المهمة التي وقع تعديلها ضمن قانون المالية التكميلي ،نجد الترفيع في نفقات الدعم وتحديدا نفقات دعم المحروقات ،حيث كان للفارق بين سعر النفط المعتمد والمتداول في السوق العالمية انعكاسا سلبيا على مستوى نفقات الدعم التي تم الترفيع فيها بقيمة 4737 مليون دينار مقارنة بقانون المالية الأصلي لتبلغ 7628 مليون دينار مقابل 2891 مليون دينار مقدرة أوليا.
وقد تم تحيين نفقات دعم المحروقات تبعا للعناصر التالية وهي تحيين فرضية سعر البرميل من 75 دولار إلى 100.5 دولار للبرميل تبعا لارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالميّة ،كما كان لتداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار أثرا مهما قدر ب 867 مليون دينار،أما عن مساهمة التعديلات مبرمجة في الأسعار،فقد قدرت قيمة عدم إجراء كامل التعديلات المبرمجة بـ686 مليون دينار،حيث كان العائدات المبرمجة جراء التعديلات الشهرية عند مستوى 1646 مليون دينار .
يشار أنّ كلّ زيادة (أو انخفاض) بـدولار واحد في سعر برميل النفط تترتّب عنها كلفة إضافية (أو اقتصاد) على مستوى نفقات الدعم بـ 137 مليون دينار. وأنّ كلّ زيادة (أوانخفاض) بـ 10 مليمات في معدل سعر صرف الدولار بالنسبة لمنظومة الدعم تترتّب عنها كلفة إضافية (أواقتصاد) على مستوى نفقات الدعم بـ51 مليون دينار.
وفي ما يتعلق بدعم المواد الأساسية،فقد أبقت وزارة المالية على الميزانية دون تغيير وذلك على الرغم من التأثير الكبير للأزمة الروسية-الأوكرانية على أسعار المواد الغذائية الأساسية وخاصة القمح حيث شهدت الأسعار العالمية مستويات مرتفعة غير مسبوقة،فقد تم التمكن من التحكم في حاجيات دعم المواد الأساسية والمحافظة عليها في المستوى المقدر بقانون المالية الأصلي 3771مليون دينار وتبعا لذلك ينتظر أن ترتفع قيمة الدعم مع موفى العام إلى 12 مليار دينار وهو مايعادل 8.3 % من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2022 وهي النسبة الأعلى منذ سنة 2004 .
تجدر الإشارة إلى أن وثيقة مشروع قانون المالية لسنة 2022 وخطط الميزانية على المدى المتوسط قد رسم هدف التحكم في نفقات الدعم، حيث سيتم الانطلاق في تطبيق استراتيجيه لإصلاح منظومة الدعم و توجيهه نحو مستحقيه الفعليين وذلك عبر برنامج إصلاحي يمتد على أربع سنوات لتتقلص نسبة الدعم إلى مستوى 1.2 % من الناتج المحلي الإجمالي و8.6 % من جملة النفقات في أفق سنة 2024.ودون تفعيل هذا البرنامج الإصلاحي فإن نفقات الدعم تبقى مرتفعة لتتجاوز مستوى 6 % من الناتج المحلي الإجمالي و18 % من جملة النفقات كمعدل للفترة 2022 - 2024.